فقلّدوه دينكم وأطيعوه في جميع اموركم ، فإنّ عنده جميع ما علّمني الله عزوجل من علمه وحكمه ، فاسألوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه بعده (١).
ـ الوجه الحادي عشر ـ (٢)
أن نقول : ذهبت العامّة إلى العمل بالظنّ المتعلّق بنفس أحكامه تعالى أو بعدمها ، وإلى دوام العمل بظنون أربعة من مجتهديهم دون غيرهم من المجتهدين الأقدمين. والعلّامة ومن وافقه من أصحابنا وافقوا العامّة في المقام الأوّل وخالفوهم في المقام الثاني ، فقالوا قول الميّت ـ أي ظنّه ـ كالميّت (٣) ويلزم الفريقين أحد الأمرين : إمّا القول بأنّ مظنونات المجتهدين ليست من شريعة نبيّنا صلىاللهعليهوآله وإمّا القول بأنّ حلالها وحرامها لا يستمرّان إلى يوم القيامة ، وقد تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بأنّ حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه صلىاللهعليهوآله حرام إلى يوم القيامة (٤) بل هذا من أجلى ضروريّات الدين *.
ـ الوجه الثاني عشر ـ
إنّهم صرّحوا بأنّ محلّ الاجتهاد مسألة لم تكن من ضروريّات الدين ولا من
______________________________________________________
* كلا الملازمتين المذكورتين لا وجه للزومهما ، لأنّ ظنّ المجتهدين غير خارج عن الشريعة بعد إثبات صحّة الاجتهاد ، وظنّ الميّت لا ينافي ذلك إذا أخرجه الدليل بالخصوص. والاجتهاد لا يوجب قطع استمرار الشريعة ، لأنّ حكم المجتهد لا يخرج عن حكم الله في نفس الأمر أو الظاهر ، لاتّفاق الشيعة على ما هو المنقول عنهم على أنّ المجتهد معذور وغير مأثوم إن قلنا : إنّ حكم الله واحد ، وإن قلنا : إنّه يختلف بحسب ظنّ المجتهدين وإنّ العقل لا يمنع من ذلك فهو ظاهر ، فثبت على التقديرين أنّ الاجتهاد غير خارج عن الشريعة ولا قاطع لاستمرارها ، وتعريف الاجتهاد والفقه صريح فيما ذكرناه ، فأين اللزوم الّذي أثبته المصنّف ، إلّا أن كان على اعتقاده من تحريم الاجتهاد وتخطئة المجتهد واثمه وإن أصاب الحقّ. ومخالفته في ذلك لجميع الامم وانفراده به كاف في وضوح خطائه.
__________________
(١) الاحتجاج ١ : ١٤٨.
(٢) من وجوه إبطال التمسك بالاستنباطات الظنّيّة ، تقدّم الوجه العاشر في ص ١٩٢.
(٣) مبادئ الوصول : ٢٤٨.
(٤) الكافي ١ : ٩.