التمسّك بهما من التعارضات وأنواع الإشكالات ، وعن تجويز التخيير في أحكام الله تعالى عند تعادل الأمارات في نظر صاحب الملكة الّتي اعتبروها ـ ونجانا الله من الوقوع في الهلكات وعن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ـ وعن الحاجة إلى نصب رجل ثالث يقول : « حكمت بأحد الاجتهادين على الآخر » ليحصل فصل الخصومات بقوله : « حكمت » عند تعارض اجتهاد المجتهدين كما تقدّم في الصورتين ، وعن الحاجة إلى الفرق بين فتوى المجتهد على وجه كلّي وحكم القاضي على وجه جزئي في واقعة مخصوصة بأنّ الأوّل تنقض باجتهاد حادث بعده ، والثاني لا تنقض ، لأنّه نصبه الإمام الأعظم ليفصل الخصومات ، فلو جاز نقضه بحكم حادث للزم التسلسل.
ويؤيّد ما ذكرناه ما سننقله عن كتاب المعالم حيث قال ذكر السيّد المرتضى أنّ معظم الفقه يعلم بالضرورة من مذاهب أئمّتنا عليهمالسلام فيه بالأخبار المتواترة. وما سننقله عن رئيس الطائفة من انعقاد الإجماع على صحّة الأحاديث الّتي عمل بها *. وما سننقله عن كتاب الكافي وعن كتاب من لا يحضره الفقيه وعن المحقّق الحلّي وعن غيرهم ، وقد وجدنا في مواضع من كلام رئيس الطائفة قدسسره ما يوافق ما نقلناه عن قدمائنا من عدم جواز الاعتماد في أحكام الله تعالى على طريق يؤدّي إلى الاختلاف.
منها : ما ذكره في أوّل كتاب تهذيب الحديث ، حيث قال : ذاكرني بعض
______________________________________________________
* لو كان الاجتهاد مانعا من العمل بأخبار أهل البيت عليهمالسلام كان لمنعه وجه ظاهر. وأمّا مجتهد الشيعة فلا يرجع إلى الاجتهاد إلّا عند تعذّر الحديث المفيد للحكم ممّا يعتمد عليه ويصحّ الاستناد إليه ؛ ومع ذلك فمرجعه فيه إلى اصول أهل البيت وما ثبت الإذن عنهم فيه. وإيراد المصنّف كلامه في ذلك على العلّامة وغيره لا موجب له إلّا مجرد التعدّي عليهم والغيبة لهم ، وإلّا فمتى وقع من العلّامة وغيره من المجتهدين المتقدّمين والمتأخّرين أن يكون في المسألة حديث يعتمد عليه وتركوا العمل به ورجعوا إلى ظنّ الاجتهاد ، فنسبة إهمال الحديث إليهم والعدول عن العمل به إلى الامور الظنّيّة واتّباع العامّة في ذلك عين الجهل وقلّة التدبّر ، لأنّهم كلّهم اتّفقوا على العمل بخبر الواحد الصحيح ، والعلّامة زاد على بعضهم في العمل بالموثّق صونا لتعطيل الخبر إذا ترجّح العمل به.