عليّ بن إبراهيم بن هاشم ( كما صرّح به في أوّل تفسيره لكتاب الله تعالى ) ومن تقدّمهم ممّن أدرك صحبة بعض الأئمّة عليهمالسلام أو قرب عهده به ـ لا مدرك للأحكام الشرعية النظرية فرعية كانت أو أصلية إلّا أحاديث العترة الطاهرة عليهمالسلام وتلك الروايات الشريفة متضمّنة لقواعد قطعية تسدّ مسدّ الخيالات العقلية المذكورة في الكتب الاصولية والاعتبارات المذكورة في كتب فنّ دراية الحديث. والقواعد الظنّية العربية المذكورة في فنّ المعاني والبيان أو غيرهما أيضا قليلة الجدوى عند الأخباريّين من أصحابنا ، وذلك لأنّهم لم يعتمدوا في فتاويهم وأحكامهم إلّا على دلالات واضحة صارت قطعية بمعونة القرائن الحالية أو المقالية ، وتلك القرائن وافرة في كلام أهل البيت عليهمالسلام لا في كتاب الله ولا في كلام رسوله صلىاللهعليهوآله كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.
وأوجبوا التوقّف والاحتياط عند ظهور خطاب يكون سنده أو دلالته غير قطعي ، لأنّه من باب الشبهات في نفس الأحكام ويجب التوقّف والاحتياط عندها كما تواترت به الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام (١) وسنذكر إن شاء الله تعالى طرفا منها.
وبحمد الله سبحانه وتعالى وفور أحاديثهم عليهمالسلام في أمّهات الأحكام وفيما تعمّ به البلوى من غيرها ومخاطبتهم الرعية على قدر ما وجدوا فيهم من الأفهام قد قضى الوطر عن معرفة الاعتبارات العقلية الاصولية ، وعن الدلالات الظنّية ، وعمّا في
______________________________________________________
الحكم من أحاديث أهل البيت ويعتمدون فيه على الرأي والقياس بل على ما يخالف مذهب الأئمّة عليهمالسلام وأمّا إرادة مطلق الاجتهاد فهو في مقام إنكار الضروريّات الّتي قد ثبت الاتّفاق عليها من الخاصّ والعامّ على ما بيّنّاه سابقا. وقوله من وجوب التمسّك بالكتب المؤلّفة بأمرهم فما تحقّقنا من أمرهم ورضاهم من الاصول المشهورة إلّا بما عرض على الصادق عليهالسلام وقبله ، وهو لا يزيد على ثلاثة اصول. ومع هذا فالاجتهاد المنهيّ عنه لو سلّمنا عمومه ، فلا شكّ فيه إذا كان صاحبه تاركا للحديث ومعرضا عنه في فتواه وأحكامه ومتعمّدا غيره ، وهذا مجتهد والشيعة منزّهون عنه.
__________________
(١) راجع الوسائل ١٨ : ١١١ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي.