مذكور في بعض الأحاديث الواردة في باب اختلاف الأحاديث ، وهو هنا لم يتعرّض لذلك ، لأنّه أخذ أحاديث كتابه كلّها من الاصول المقطوع بها المجمع عليها ، وحينئذ يضعف الترجيح باعتبار حال الراوي *.
الثالثة : أنّه سيجيء في باب اختلاف الحديث أنّهم عليهمالسلام أمرونا بالإرجاء والتوقّف بعد عجزنا عن وجوه الترجيحات الّتي قرّروها عليهمالسلام وهو هنا لم يتعرّض له.
وأقول : قصده رحمهالله أنّ في باب العبادات المحضة بعد عجزنا عن وجوه الترجيحات المذكورة حكمهم عليهمالسلام التخيير ، وما سيجيء من وجوب الإرجاء والتوقّف إنّما ورد فيما ليس من باب العبادات المحضة كالدين والميراث ، فاندفع الإشكال بحمد الله ومنّه.
الرابعة : أنّ مرادهم عليهمالسلام من المجمع عليه : الّذي أجمعت على اختياره قدماؤنا الأخباريون ، فإنّهم كانوا يختارون لأنفسهم ما كان واردا من باب بيان الحقّ.
[ ما ذكره الشيخ الثقة البرقي في أوّل كتاب المحاسن ]
وذكر عمدة علمائنا الأخباريّين الشيخ الثقة الصدوق أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في أوّل كتاب المحاسن :
أمّا بعد ، فإنّ خير الامور أصلحها ، وأحمدها أنجحها ، وأسلمها أقومها ، وأرشدها أعمّها خيرا وأفضلها أدومها نفعا ، وأنّ قطب المحاسن [ الدين ] (١) وعماد الدين اليقين والقول المرضي والعمل الزكي. ولم نجد في وثيقة المعقول وحقيقة المحصول عند
______________________________________________________
* بعد أن ذكر الكليني رحمهالله عن الأئمّة عليهمالسلام أنّه مع الاختلاف الترجيح للعرض على كتاب الله علم أنّ هذه التراجيح الّتي ذكرها المصنّف لا يفيد مع المخالفة لكتاب الله ، فلذا لم يتعرّض لذكرها. وأيضا فالّذي نقله عن بعض الأحاديث من الترجيح ينافي كون جميع الأحاديث صحيحة ، لأنّ الترجيح إنّما يثبت مع احتمال الضعف في المرجوح ، وإلّا لو كانت كلّها صحيحة لم يكن للترجيح فيها مجال ، لانتفاء صحّة المعارضة في غير التقيّة ، ومعها لا يحتاج إلى ترجيح إذا لم يمكن الجمع من غير تقيّة.
__________________
(١) من المصدر.