كلامنا إن شاء الله تعالى.
فائدة
أقول : العامّة لمّا أنكروا أنّ لله سبحانه وتعالى في كلّ زمان علما هاديا منصوبا من قبله تعالى ، حاكما على الامّة مفترض الطاعة معصوما عن الخطأ دافع الشبهات حلّال المشكلات ، عالما بكلّ ما تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة ، فاصلا بين الحقّ والباطل فيما تشاجرت فيه العقول أو تحيّرت ، ناطقا عن وحي إلهي لا رأي بشري ، وسدّوا باب التمسّك بالعترة الطاهرة عليهمالسلام.
مع أنّ الحديث الشريف المتواتر معنى بين الفريقين : إنّي تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا ، كتاب الله عزوجل وأهل بيتي عترتي ، أيّها الناس اسمعوا وقد بلّغت أنكم ستردون عليّ الحوض فأسألكم عمّا فعلتم في الثقلين ، والثقلان كتاب الله عزوجل وأهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ) (١).
وفي رواية اخرى : إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا بعدي ما إن تمسّكتم
______________________________________________________
في الانتساب لبعض الأئمّة في الجملة ـ كالزيديّة والفطحيّة والواقفة وغيرهم ـ فنسبة تشعّب الآراء والاختلاف إليهم واضح. وأمّا الإماميّة الاثنا عشريّة بالخصوص فلا يتأتّى في حقّهم ذلك ، وكلام صاحب الملل يشير إلى ما ذكرناه. وكأنّ المصنّف خصّ هذا التقسيم بعلماء الشيعة ، ولهذا استشهد بكلام العلّامة ، وكلامه (٢) غيره شاهد بذلك صريحا ، وغاية ما يستفاد منه أنّه أراد بالاصوليّين الّذين صنّفوا كتب الحديث ـ كالشيخ وأمثاله ـ وإلّا فهم قسم واحد بالنسبة إلى العمل بالأخبار ، غاية الأمر أنّ منهم من لا يعمل بخبر الواحد ، ومنهم من يعمل به.
ولقد بالغ المصنّف رحمهالله هنا في مدح العلّامة ـ قدّس الله روحه ـ شاهدا له بأنّه بحر العلوم ، فكيف هذا البحر الواسع لم ينشعب منه شعبة لإدراك ما أدركه المصنّف ولم يوفّقه الله لذلك! اللهمّ إلّا أن يكون هذا المدح للتوصّل به إلى أمر يعود على النفس أثره وغايته ، كما لا يخفى.
__________________
(١) راجع صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٣ باب فضائل علي بن أبي طالب ، ح ٣٦ ، المستدرك للحاكم ٣ : ٣٧ ، بحار الأنوار ٢٣ : ١٥٢ ، ح ١١٣ و ١١٤.
(٢) كذا ، والظاهر : كلام.