وتوضيح المقام : أنّ الشيخ الطوسي صرّح في كتاب العدّة بأنّ كلّ حديث عمل به في كتبه أخذه من تلك الاصول الّتي وقع إجماع الطائفة على ورود كلّ ما فيها من الروايات عن أصحاب العصمة عليهمالسلام ولم يعمل بغيره ، وصرّح بأنّه قد طرح العمل ببعض الروايات لأنّ معارضه أقوى منه إمّا لأجل أنّه موافق لروايات كثيرة أو لأجل أنّه جمع بين ذلك الإجماع وبين قوّة سنده (١). ومراده من الضعيف هذا المعنى ، لا أنّه لم يثبت وروده عنهم عليهمالسلام. يؤيّد ذلك أنّه كثيرا ما يقول : هذا الحديث ضعيف لأنّه شاذ ، أي يخالف أحاديث اخر كثيرة.
السؤال الحادي والعشرون
أنّه يلزم من حقّيّة تلك القواعد الاصوليّة المتقدّمة المستفادة من كلام الأئمّة عليهمالسلام ومن كلام قدمائنا ومن الأدلّة العقلية أن يكون العلّامة الحلّي ومن جاء بعده ووافقه في اصوله ، كالشهيدين وكالفاضل الشيخ عليّ وكالمقداد والسيوري وكالشيخ صلاح والشيخ فلاح والشيخ مفلح والشيخ مصلح (٢) ونظرائهم ـ رحمهمالله ـ في غفلة عن كثير من القواعد الّتي عليها مدار الشريعة المقدّسة ، مع أنّ كلام هؤلاء المشايخ المعظّمين المكرّمين الصائمين القائمين المشهورين المقتدين لعامّة أهل بلادهم مؤيّد باصول أهل السنّة والجماعة المعروفين بالتحقيق والتدقيق ، فإنّ مسائلهم الكلاميّة موافقة في الأكثر لما ذكرته فحول المعتزلة ، وقواعدهم الاصولية وقواعد الدراية في الأكثر موافقة لما في كتب العامّة فيجب ترك نصوص الأئمّة عليهمالسلام وترك نصوص
______________________________________________________
بأجمعها بالقطع عن المعصوم ، فما أجاب به ما أفاد إلّا تحقيق غلطه وقلّة تدبّره ، والبليد يشهد عليه بذلك فضلا عن اللبيب عند حقيقة الإنصاف. وبعد أن اتّضح غلطه وفساد تصوّره في هذه القاعدة ومعظم مؤلّفه مبنيّ عليها أغنى ذلك عن بيان فساد ما سواها بأوضح دليل.
__________________
(١) عدّة الاصول : ١٢٦ ، ٣٥٠.
(٢) مراده من « الشيخ مفلح » مفلح بن الحسين الصيمري ولم نتعرّف « الشيخ صلاح » و « الشيخ فلاح » و « الشيخ مصلح » والباقي معلوم.