الفصل الأوّل
في إبطال التمسّك بالاستنباطات الظنّية في نفس أحكامه تعالى
وفيه وجوه :
ـ أوّلها ـ
عدم ظهور دلالة قطعية على جواز الاعتماد على الظنّ المتعلّق بنفس أحكامه تعالى ، والتمسّك فيه بالظنّ يشتمل على دور ظاهر ، مع أنّه معارض بأقوى منه من الآيات الصريحة في النهي عن العمل بالظنّ المتعلّق بنفس أحكامه تعالى (١) * والروايات الصريحة في ذلك (٢). وقياسه على الظنّ المتعلّق بالامور العادية أو الامور الوجدانية أو الأفعال الصادرة عنّا أو غيرها من الامور الّتي ليست من باب أحكامه تعالى ـ كقيم المتلفات واروش الجنايات وإضرار الصوم بالمريض وعدد الركعات
______________________________________________________
* إنّ العمل بخبر الواحد من جملة المسائل الّتي يستدلّ عليها بالأدلّة الّتي تفيد العلم ، ولا يكتفون فيها بالظنّ ، وحكمها حكم بقيّة مسائل الاصول. وأمّا دعواه دلالة الآيات والروايات بالصراحة على النهي عن العمل بالظنّ بقول مطلق فغير مسلّم لأنّه قد ثبت العمل بالظنّ في مواضع عديدة ، وكلّ تكليف يتعذّر فيه تحصيل العلم يرجع فيه إلى الظنّ ، وإلّا يلزم تكليف ما لا يطاق إن بقي التكليف ، أو التوقّف فتتعطل الأحكام ، وكلاهما خلاف الحكمة المقتضية لعدم جوازه ، لأنّ الدين متكفّل بحصول معرفة كلّ ما يحتاج إليه المكلّف من غير تعطيل وتوقّف.
__________________
(١) الاسراء : ٣٦ ، الأنعام : ١١٦ ، يونس : ٣٦.
(٢) راجع الوسائل ١٨ : ٢٠ الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، ح ٨ و ٩.