من فعل ما ينافي المروّة. ولمّا كانت الصفات ممّا لا تدرك بالحسّ وإنّما تعلم بالآثار الصادرة عنها اعتبر في المعرفة بالعدالة حصول العشرة والملازمة الّتي تكرّر منها صدور الآثار الظاهرة عن تلك الحالة الباطنة ، بحيث يعلم بالعادة أنّ مثلها لا يحصل إلّا عن الملكة المذكورة.
ثمّ قال قدسسره بعد ذلك : واستبعاد بعض الأصحاب عدم إمكان تحصيل العلم هنا ومن أنّ الامور الباطنة الّتي لا يعلمها إلّا الله ، في غاية الضعف ، كيف! والاستدلال بالأثر المحسوس على المؤثّر المعقول أجلّ ظهورا وأكثر وقوعا ممّا يحتاج بيانه إلى إيراد مثال مخصوص (١) انتهى كلامه عطّر الله مرقده.
والمأمول منكم ـ أيّها المولى أيّدكم الله تعالى ـ النظر في ذلك وبيان ما تختارونه وتعتمدون عليه بيانا شافيا وافيا بالمراد ، فإنّ النفس متشوّقة إلى تحقيق مثل هذه المقاصد لأنّها من المهمّات.
مسألة : ما ذا تقول ـ أدام الله أيّامكم وأعزّكم وأعلى مقامكم ـ في التربة المشويّة من التربة الحسينيّة ـ على ساكنها أفضل التحيّة والسلام ـ هل تخرج بالطبخ المتعارف عن أصناف الأرض أم لا تخرج؟
وقال المحقّق الشيخ عليّ : لا تخرج بالطبخ عن اسم الأرض وجواز السجود عليها (٢) ومشايخنا ـ رضياللهعنهم ـ قائلون بمنع السجود عليها. وهل يفرّق بين التيمّم بها والسجود عليها أم لا؟ ما عندكم في ذلك ـ رضي الله عنكم ـ؟
مسألة : ما قولكم ـ لطف الله بكم ـ في بقيّة الأغسال غير غسل الجنابة ، هل لا بدّ معها من الوضوء أم لا ، سواء كانت واجبة أم مندوبة؟ ونقل عن علم الهدى رضى الله عنه إجزاء جميع الأغسال الواجب والندب منها مطلقا من الوضوء كغسل الجنابة (٣) ومال إليه صاحب المدارك (٤). والمشهور بين فقهائنا خلاف ما قاله علم الهدى ، ما عندكم فيه أيّدكم الله تعالى؟
__________________
(١) لم نظفر بالرسالة المنقول منها.
(٢) رسائل المحقق الكركي ٢ : ٩١.
(٣) نقله عنه المحقق في المعتبر ١ : ١٩٦.
(٤) المدارك ١ : ٣٦١.