أئمّتنا ـ سلام الله عليهم ـ في أربعمائة كتاب تسمّى « الاصول » ثمّ تصدّى جماعة من المتأخّرين ـ شكر الله سعيهم ـ لجمع تلك الكتب وترتيبها ، تقليلا للانتشار وتسهيلا على طالبي تلك الأخبار ، فألّفوا كتبا مضبوطة مهذّبة مشتملة على الأسانيد المتّصلة بأصحاب العصمة عليهمالسلام كالكافي ، وكتاب من لا يحضره الفقيه ، والتهذيب والاستبصار ، ومدينة العلم والخصال والأمالي وعيون الأخبار وغيرها.
أمّا الكافي : فهو تأليف ثقة الإسلام أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني الرازي ـ عطّر الله مرقده ـ ألّفه في مدّة عشرين سنة وتوفّي ببغداد سنة ثمان أو تسع وعشرين وثلاثمائة ، ولجلالة شأنه عدّه جماعة من علماء العامّة ـ كابن الأثير في كتاب جامع الاصول ـ من المجدّدين لمذهب الإماميّة على رأس المائة الثالثة ، بعد ما ذكر أنّ سيّدنا وإمامنا أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا ـ عليه وعلى آبائه الطاهرين أفضل الصلاة والسلام ـ هو المجدّد لذلك المذهب على رأس المائة الثانية.
وأمّا كتاب من لا يحضره الفقيه : فهو تأليف رئيس المحدّثين حجّة الإسلام أبي جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه القمّي ـ قدّس الله روحه ـ وله ـ طاب ثراه ـ مؤلّفات اخرى سواه تقارب ثلاثمائة كتاب ، توفّي بالريّ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وأمّا التهذيب والاستبصار : فهما من تأليفات شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ـ نوّر الله ضريحه ـ وله تأليفات اخرى سواهما في التفسير والاصول والفروع وغيرها ، توفّي ـ طيّب الله مضجعه ـ سنة ستّين وأربعمائة بالمشهد المقدّس الغروي ـ على ساكنه أفضل الصلاة والسلام ـ.
فهؤلاء المحدّثون الثلاثة ـ قدّس الله أرواحهم ـ هم أئمّة أصحاب الحديث من متأخّري علماء الفرقة الناجية الإماميّة رضوان الله عليهم (١) انتهى كلامه.
وأنا أقول : ذكر المحقّق الحلّي في أوائل المعتبر : أنّه كتب من أجوبة مسائل الصادق عليهالسلام أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف سمّوها اصولا (٢).
وبالجملة ، تلك الأربعمائة اخذت من إمام واحد منهم عليهمالسلام وكانت لقدمائنا
__________________
(١) الوجيزة : ١٥ ـ ١٨.
(٢) المعتبر ١ : ٢٦.