فيه عن الصواب ، وهو معصوم مؤيّد موفّق مسدّد قد أمن الخطأ والزلل والعثار ، خصّه الله بذلك ليكون حجّته على عباده وشاهده على خلقه ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (١) *.
والحديث الشريف بطوله مذكور في كتاب المجالس نقلنا طرفا منه.
______________________________________________________
* لم يظهر وجه موجب لهذه الإطالة ، لأنّه ما من عاقل ولا جاهل يتصوّر نقصا في دين محمّد صلىاللهعليهوآله وقد قال الله سبحانه : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) وما أفاده هذا الحديث وأمثاله لا شكّ ولا شبهة فيه ، وهو صريح في حقّ الّذي احتاج إلى العمل بالقياس وبالرأي ، وكان لهم في ذلك الوقت مندوحة عنه بسؤال الأئمّة عليهمالسلام عن كلّ ما جهلوه ، فعدلوا عن الحقّ مع عدم خفائه عنهم إلى الباطل. وقوله عليهالسلام : « جاءكم بما تحتاجون إليه » إلى آخره ، فيه دلالة واضحة على خلاف ما يقرّره المصنّف من التوقّف عند مجرّد الشبهة وإن ضعفت وعند اختلاف الحديث أو عدم فهم معناه وفي كلّ موضع لا يحصل القطع والجزم بالحكم ، لأنّه لا يجوز التعويل على الظنّ عنده ، لأنّ اللازم من ذلك عدم حصول الحاجة وتعطّل الأحكام ، ولا سبيل إلى علمها ، فلا يتحقّق أنّ الشريعة يستفاد منها كلّ ما يحتاج إليه المكلّف ولا شكّ أنّه مع صحّة الاجتهاد المتّفق عليه لا يتعطّل حكم من الأحكام ، ولا يخرج ذلك إذا كان مستندا إلى اصول الدين وقواعده عن أن يكون من جملة الدين.
وممّا يؤكّد ذلك من جهة العقل : أنّ الأحكام والفروع لا يمكن الإحاطة بتفاصيلها فلا بدّ لها من أمر جامع يرجع إليه في استخراج الجزئيّات من الكلّيات. وهذه القاعدة معتبرة في جميع العلوم ، لعدم الإحاطة بكلّ مسألة على وجه التفصيل ، ولا تخرج المسائل باستخراجها من تلك القواعد عن ذلك العلم. ومن يدّعي أنّ جميع ما يمكن فرضه من الفروع والمسائل يستفاد حكمه بنصّ واضح عليه بالخصوص فظهور بطلانه أوضح من الصبح ، والوجدان يكذّبه.
وكأنّ المصنّف يعتقد أنّ الاجتهاد والقول به يوجب لقائله نقصا في الدين فيتمّم به ، وهذا عين الجهل والخطاء لمن تصوّره ، فإنّ الاجتهاد إنّما هو لإثبات تماميّة الدين وعدم تعطيل حكم من أحكامه ممّا يحتاج المكلّفون إليه والّذي لا يجوّز الاجتهاد أحقّ بأن ينسب إليه اعتقاد النقص بسبب عدم حصول الحاجة عند التوقّف وتعطيل الحكم.
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥٣٦ ، ح ١.