وأمّا الإجماع : فعندنا هو حجّة بانضمام المعصوم ، فلو خلا المائة من فقهائنا عن قوله [ عليهالسلام ] لما كان حجّة ، ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجّة ، لا باعتبار اتّفاقهما بل باعتبار قوله ، فلا تغترّ إذا بمن يتحكّم فيدّعي الإجماع باتّفاق الخمسة والعشرة من الأصحاب مع جهالته بالباقين إلّا مع العلم القطعي بدخول الإمام في الجملة ولنفرض صورا ثلاثا :
الاولى : أن تفتي جماعة ثمّ لا نعلم من الباقين مخالفا ، فالوجه أنّه ليس حجّة ، لأنّه كما لا نعلم مخالفا لا نعلم أن لا مخالف ، ومع الجواز لا يتحقّق دخول المعصوم في المفتين. الثانية : أن يختلف الأصحاب على قولين ففي جواز إحداث قول ثالث تردّد ، أصحّه أنّه لا يجوز بشرط أن يعلم أن لا قائل منهم إلّا بأحدهما.
الثالثة : أن يفترقوا فرقتين ويعلم أنّ الإمام ليس في إحداهما وتجهل الاخرى فتعيّن الحقّ مع المجهولة ، وهذه الفروض تعقل لكن قلّ أن يتّفق.
وأمّا دليل العقل فقسمان :
أحدهما : ما يتوقّف فيه على الخطاب وهو ثلاثة :
الأوّل : لحن الخطاب كقوله تعالى : ( أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ ) (١) أراد فضرب.
الثاني : فحوى الخطاب وهو ما دلّ عليه بالتنبيه كقوله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) (٢).
الثالث : دليل الخطاب وهو تعليق الحكم على أحد وصفي الحقيقة كقوله : « في سائمة الغنم الزكاة » (٣) والشيخ يقول : هو حجّة ، وعلم الهدى ينكره. وهو الحقّ.
أمّا تعليق الحكم على الشرط كقوله : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (٤) وكقوله : ( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (٥) فهو حجّة تحقيقا لمعنى الشرط ، ولا كذا لو علّقه على الاسم كقوله : « اضرب زيدا » خلافا للدقاق.
القسم الثاني : ما ينفرد العقل بالدلالة عليه ، وهو إمّا وجوب كردّ الوديعة ، أو قبح
__________________
(١) الأعراف : ١٦٠.
(٢) الاسراء : ٢٣.
(٣) لم نظفر به باللفظ المذكور في الأحاديث ، ولعلّه لم يرد به كلام المعصوم.
(٤) التهذيب ١ : ٣٩ ، ح ٤٦ و ٤٧.
(٥) الطلاق : ٦.