وقد حمل الشيخ (١) مثل هذا على الاستحباب ، ولا بأس به مع الإطاقة مع المشقّة ، أمّا بدونها فيجب ولو كان مريضاً.
ولو ترك الإحرام أثم ، ولا يجب التدارك والبدل لا أداءً ولا قضاءً.
والظاهر أنه يتحقّق الإثم عليه بدخوله محلّاً ، كما يظهر من صحيح عاصم بن حميد : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يدخل الحرم أحد إلّا محرماً قال لا ، إلّا مريض أو مبطون (٢). وصحيح محمّد بن أبي نصر (٣) مثله.
وصحيح محمّد بن مسلم : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : هل يدخل الرجل الحرم بغير إحرام؟ قال لا ، إلّا أن يكون مريضاً أو به بطن (٤).
فإن ظاهرها المنع من دخول الحرم بغير إحرام ، فبه يتحقّق الإثم إذا كان حينئذٍ قاصداً مكّة ؛ لأن ظاهر الأصحاب أنه لا يجب الإحرام بمجرّد قصد الحرم بدون قصد مكّة ؛ كما يظهر من تتبّع كلماتهم ، فإنهم إنما يذكرون وجوب الإحرام لدخول مكّة ولا يذكرون الحرم (٥).
فتعيّن حمل هذه الأخبار على أنه يأثم من قصد دخول مكّة إذا جاوز الوقت بغير إحرام بمجرّد دخوله الحرم ؛ فإنه إذا فعل ذلك ثبتت المعصية في حقّه وتحقّقت منه ، وقبل دخوله الحرم كأنه بمنزلة العازم على فعل المعصية ساعٍ إليه ولما يفعل ، فعليه إثم سعيه للمعصية ، فإذا دخل الحرم تحقّق منه فعل المعصية.
وممّا ينبّه على هذا مثل ما رواه الصدوق في ( العلل ) (٦) و ( العيون ) (٧) بأسانيد
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٥ : ١٦٥ / ذيل الحديث ٥٥٢.
(٢) تهذيب الأحكام ٥ : ٤٦٨ / ١٦٣٩ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٤٠٢ ـ ٤٠٣ ، أبواب الإحرام ، ب ٥٠ ، ح ١.
(٣) تهذيب الأحكام ٥ : ٤٤٨ / ٥٥٠.
(٤) تهذيب الأحكام ٥ : ٤٤٨ / ١٥٦٤ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٤٠٣ ، أبواب الإحرام ، ب ٥٠ ، ح ٤.
(٥) مدارك الأحكام ٧ : ٣٨٠.
(٦) علل الشرائع ١ : ٣١٨ / ٩ ، بتفاوتٍ يسير.
(٧) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٠ ـ ١٢١ ، بتفاوتٍ يسير.