متعدّدة عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام أنه قال إنما أُمروا بالإحرام ليخشعوا قبل دخولهم حرم الله وأمنه ، ولئلّا يلهوا ويشتغلوا بشيء من أُمور الدنيا وزينتها ولذّاتها ، ويكونوا جادّين فيما هم فيه ، قاصدين نحوه مقبلين عليه بكلّيّتهم ، مع ما فيه من التعظيم لله عزوجل ولنبيّه ، والتذلّل لأنفسهم عند قصدهم إلى الله عزوجل ، ووفادتهم إليه راجين ثوابه راهبين من عقابه ، ماضين نحوه ، مقبلين إليه بالذلّ والاستكانة والخضوع.
وما في ( العلل ) بسنده عن العبّاس بن معروف عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال حرّم المسجد لعلّة الكعبة ، وحرّم الحرم لعلّة المسجد ، ووجب الإحرام لعلّة الحرم (١).
فعلى هذا تبيّن أن العلّة الحقيقيّة وهي علّة العلّة في الإحرام الوفادة إلى بيت الله الذي حرّم الحرم لأجله ، فمن قصد في طريقه مثلاً أن يمرّ بالمشعر وليس قاصداً للحرم لا يكون قاصداً الوفادة إلى الله في بيته ، ولا مقبلاً على عبادة الله والتذلّل إليه ، فلا يتحقّق وجوب الإحرام عليه. وإن من أمّ الحرم قاصداً الوفادة إلى الله في بيته المعظّم وجب عليه الإحرام ، ليكون حال دخوله حرم الله وحمى بيته مخلصاً لله تائباً آئباً معرضاً عن غير الله ، وإظهار التحقّق بالعبوديّة له ولرسوله.
وحينئذٍ إذا أخلّ بالإحرام بأن دخل حرم الله قاصداً مكّة ، محلّاً بلا مسوغ الرخصة ، تحقّق منه فعل المعصية.
وأيضاً لو كان يجب الإحرام لدخول الحرم بدون قصد مكّة بل الحرم خارجها ، لوجب على كلّ من قصد الحرم أو وطنه أن يدخل مكّة بل المسجد ؛ لأنه متى أحرم وعقد إحرامه لا يحلّ منه إلّا بطواف الكعبة وصلاة في المسجد ، وسعى بين الصفا والمروة وحلق أو تقصير ، ما لم يُصدّ أو يحصر.
ولا دليل على ذلك ، ولم نقف على مفتٍ به ، بل وجدنا بعضهم يستدلّ على وجوب الإحرام لدخول مكّة ببعض الأخبار التي فيها : لا يدخل الحرم أحد بغير
__________________
(١) علل الشرائع ٢ : ١٢٠ / ١ ، وفيه : « لعلّة الإحرام » بدل : « لعلّة الحرم ».