كان بين ميقاتين ) إلى آخرها ، إن كان السيّد فهم منها التخيير حينئذٍ في الإحرام بالمحاذاة مع فرض التساوي ، فمعناه غير واضح ، إنما يتمّ فرض التساوي حال المحاذاة إذا كان بينهما. وحينئذٍ فلا معنى للتخيير ؛ لأن محاذاة أحدهما تستلزم محاذاة الآخر. وإن كان معناها في الإحرام من نفس الوقت فلا يناسب ذكرها في هذا المقام ، فتأمّل.
هذا ، والأحوط الأوْلى ألّا يحرم بالمحاذاة إلّا مع تعسّر الإحرام من نفس أحد المواقيت ؛ لأن جمعاً من العلماء لم يتعرّضوا للإحرام بالمحاذاة ، وأعرضوا عن الرواية ، خصوصاً محاذاة غير الشجرة ؛ لعدم ورود دليل يعمّ غيرها أو يخصّه.
هذا ، والظاهر أنه لو قصد محرماً منها عينه لم يتحتّم عليه الإحرام بمحاذاة من سبقت محاذاته ؛ لأخبار جواز تأخير الإحرام من الشجرة إلى الجحفة للمعذور (١) ، مع لزوم محاذاته الشجرة ، بل لا يبعد عدم صحّة إحرامه حينئذٍ ؛ للأصل ، وهذه الأخبار الآمرة بتأخير إحرام المعذور إلى الجحفة. والصحّة لا دليل عليها ، فيتعيّن التأخير إلى الوقت الثاني. وإن لم يمرّ بأحد المواقيت المذكورة ولم يحاذِ أحدها أحرم من أدنى الحِلّ إذا شقّ عليه الرجوع لأحدها ، أو محاذاته عند مشقّة الوصول إلى عينه ؛ لأنه محرم اضطراريّ له بالنصّ (٢) والإجماع ، ولأنه محرم اختياريّ للمفردة ، ولأن ما مرّ من الأخبار دلّ بعضها على أنه وقت من مواقيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في الجملة.
وقيل (٣) : يُحرم من بعد أقرب المواقيت إلى مكّة ، واحتجّ له بأنها مسافة لا يجوز له قطعها. واعترضه في ( المدارك ) بأن قولهم : ( إن هذه المسافة لا يجوز لأحد قطعها إلّا محرماً ) في موضع المنع ؛ لأن ذلك إنما يثبت مع المرور على الميقات لا مطلقاً (٤) ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ١١ : ٣١٦ ، أبواب المواقيت ، ب ٦.
(٢) وسائل الشيعة ١١ : ٣٢٨ ـ ٣٣١ ، أبواب المواقيت ، ب ١٤.
(٣) انظر مسالك الأفهام ٢ : ٢١٦.
(٤) مدارك الأحكام ٧ : ٢٢٤.