انتهى ، وهو حسن.
هذا كلّه في المعتمر عمرة التمتّع والحاجّ قراناً أو إفراداً ، أمّا من يريد العُمرة المفردة فإن مرّ على محرم من الستّة وجب عليه الإحرام منه ، وإلّا أخّر إحرامه إلى أدنى الحِلّ ؛ لأنه وقت اختياريّ لها ، ولا يجوز الإحرام من غير الوقت مع المرور به اختياراً ، فلو قصد رجل قادم من اليمن المدينة مثلاً ومرّ على يلملم وهو غير قاصد مكّة ، لم يجب عليه الإحرام ، بل لا يجوز له ولو وطئ الحرم برجله إجماعاً قولاً وفعلاً حتّى من المعصوم ؛ فإن النبيّ صلىاللهعليهوآله مرّ عام بدر على ذي الحُلَيفة ولم يحرم ، وكذا عام هوازن مرّ على قرن المنازل ، بحسب الظاهر حين منصرفه من حصار الطائف ؛ لأنه كان قاصداً للجعرانة لا مكّة.
ثمّ لو بدا له بعد أن وصل جدّة مثلاً دخول مكّة بمفردة ، فإنه يجوز له حينئذٍ الإحرام من أدنى الحِلّ ، ولا يجب عليه الرجوع إلى يلملم ولا غيره من الخمسة ، بل من الستّة لو كان محرمه دويرة أهله ، وإن رجع إلى أحدها فلا بأس ، بل هو أفضل إن استلزم زيادة المشقّة في التكليف.
ولو مرّ من يريد دخول مكّة على أحدها ونسي أن يحرم منه ، أو نسي الحكم أو نسي المحرم أو تركه جهلاً بالحكم أو بالمحرم ، فإن كان غرضه المتمتّع بها أو الحجّ وجب عليه الرجوع لأحدها ، لا خصوص ما فارقه محلّاً ؛ لأن كلّا من الخمسة محرم لكلّ من مرّ به بالإجماع والنصوص المتنوّعة الأسناد.
ولا دليل على وجوب الرجوع لما فارقه بعينه وعدم إجزاء الإحرام من غيره ، بل ظاهر الأخبار الآمرة لمن نسي الإحرام حتّى دخل الحرم بالرجوع إلى مَهَلّ أهل بلده ، وغيرها صريح في عدم وجوب الرجوع لخصوص ما فارقه وفي صحّة الإحرام من غيرها منها ، فينبغي الجزم بذلك. وإن كان غرضه المفردة جاز الرجوع إلى أحد الخمسة والتأخير إلى أدنى الحِلّ ؛ الجعرانة أو غيرها ؛ لأنه محرم اختياريّ لها كأحد الخمسة.