ويشارك الناسي والجاهل في جميع ذلك مَن منعه من الميقات مانع ؛ من جنون أو إغماء أو رقّ ولم يأذن له المولى إلّا بعد تجاوزه ، ومن لم يُرِد النسك وبعد المجاوزة أراده ، أو لم يُرد دخول مكّة ثمّ أراده ، ومن أُعتق بعد تجاوزه مع قصده مكّة ، ومن بلغ قاصداً مكّة بعد المجاوزة ، وكلّ من ساغ له دخولها بغير إحرام ثمّ أراد النسك بعد المجاوزة. وجميع هؤلاء يجب عليهم الرجوع لأحد المواقيت الخمسة ، إلّا أن يكون نُسكهم عُمرة مفردة فإنه يجزيهم الإحرام من أدنى الحِلّ.
والدليل على أن [ للجاهل (١) ] حكم الناسي صحيحة عبد الله بن سنان : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل مرّ على الوقت الذي يحرم الناس منه ، فنسي أو جهل فلم يحرم حتّى أتى مكّة ، فخاف إن رجع إلى الوقت أن يفوته الحجّ؟ فقال يخرج من الحرم ويحرم ويجزئه ذلك (٢) ، مع أنه مشهور في الفتوى شهرة أكيدة ، بل لا يكاد يظهر فيه خلاف ، والأخبار به متكثّرة.
ولو لم يتمكّن أحد من هؤلاء من الرجوع للميقات رجعوا إلى حيث يمكن ولو خارج الحرم على الأحوط ، وإن كان الحقّ أنهم يجزئهم الإحرام حينئذٍ من أدنى الحِلّ. ويجزئهم الإحرام من محلّ التعذّر ولو مكّة. ولو لم يحرم أحدهم من الوقت مع إمكان الإحرام منه بطل نُسكه. ولو تعمّد أحد مجاوزة الوقت بعد الوصول له أثم ، ووجب عليه الرجوع له أو لغيره ممّا وقّت رسول الله صلىاللهعليهوآله لنُسكه ولو غير ما فارقه كما هو المشهور ، وعزاه الشيخ حسين إلى الأكثر ، واختاره.
ويدلّ عليه أن الإجماع والنصّ (٣) على أنها خمستها محرم لكلّ من وصل إليها. فكلّ محرم وصل إليه من تعمّد المجاوزة لأحدها بعد الوصول إليه محلّاً محرم له ؛ لصدق مروره عليه ووصوله له وإن أثم بما فعل. وأيضاً وجوب قطع المسافة التي
__________________
(١) في المخطوط : ( الجاهل ).
(٢) الكافي ٤ : ٣٢٤ / ٦ ، وسائل الشيعة ١١ : ٣٢٨ ، أبواب المواقيت ، ب ١٤ ، ح ٢.
(٣) وسائل الشيعة ١١ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، أبواب المواقيت ، ب ١٥.