وأمّا سائر ما يشترط في ثوب الصلاة من عدم كونه ممّا لا يؤكل لحمه ولا شافّاً فلا أعرف عليه دليلاً وإن كان اعتباره أحوط وأوْلى ) (١) ، انتهى.
وأقول : لا نسلّم أن مقتضى عبارات الأصحاب ذلك ، ولعلّه اعتمد في فهمه ذلك منهم من إطلاق جملة من عباراتهم أنه لا يجوز الإحرام فيما لا يجوز لبسه في الصلاة ، كعبارة المحقّق وجماعة (٢).
وأنت إذا أعطيت التأمّل حقّه وجدت مرادهم أنه يجب كون لباس المحرم من جنس ما تصحّ الصلاة فيه ، ومرادهم النصّ على عدم جواز الإحرام في جلد الميتة ، أو غير مأكول اللحم أو صوفه أو شعره ، ولا المتنجّس بنجاسة لا يعفى عنها في ثوب المصلّي ، والمغصوب ونحو ذلك ، فإنه شرط في ثياب المحرم كالمصلّي. أمّا كون الثوب في نفسه ساتراً فلا نسلّم شرطيّته في ثوب المصلّي فضلاً عن المحرم.
نعم ، يجب في حال الصلاة ستر العورة على كلّ حال ، وفي حال الإحرام سترها عن ناظر محترم. وهذا معنًى غير معنى اشتراط كون ثوب المصلّي أو المحرم في ذاته ساتراً ، ألا ترى أنه يجوز الصلاة في الثوب الشافّ إذا كانت العورة مستورة بغيره ، أو به إذا ثنّي أو كرّر وتعدّد حتّى ستر العورة ؛ بالإجماع فتوًى وعملاً في سائر الأزمان والبقاع.
فهذا يدلّك على أنه لا يشترط الستر في ثوب المصلّي من حيث هو ثوب مصلّ ، بل لأجل وجوب ستر العورة. فإذا تأمّلت هذا ونحوه ظهر الفرق بين شرطيّة حلّه وطهارته ممّا لا يعفى عنه ونحوهما وبين شرطيّة ستره ؛ فإن هذا يكون بالعارض وذاك بالذات. وقد ثبت أنه يجوز الإحرام فيما تصحّ فيه الصلاة ، كما هو ظاهر النصّ والفتوى.
وبهذا ينكشف مراد المحقّق ومن عبّر بمثل عبارته ، كيف يكون ظاهر العصابة ما قاله السيّدان ، وأكثر العصابة لم يذكره ، كالكلينيّ والصدوق في ( الفقيه ) ، والمفيد ،
__________________
(١) رياض المسائل ٤ : ٥٤ ـ ٥٨ ، باختلاف.
(٢) مدارك الأحكام ٧ : ٢٧٤.