وأجاب عنه بما لفظه : ( قلت : خروجه عن وتيرة الأشكال الأربعة لا يوجب خلله إلّا إذا لم يستلزم النتيجة ، والاستلزام هنا ظاهر ، فإنه إذا ثبت وجوب التسليم وثبت عدم وجوبه في حال من الأحوال في غير الصلاة ، لزم وجوبه فيها البتّة.
وكم قياس ليس على النمط المألوف في الأشكال الأربعة بتغييرٍ ما في الحدّ الأوسط أو ما شابه ذلك وهو منتج ، نحو قولنا : زيد مقتول بالسيف ، والسيف آلة حديديّة ، فإنه ينتج بأنه مقتول بآلة حديديّة.
بل ربّما لا يوجد الحدّ الأوسط أصلاً ويلزم عنه قول ثالث ، نحو قولنا : كلّ ممكن حادث ، وكلّ واجب قديم ، فإنه يلزم منه لا شيء من الممكن بواجب ) (١).
قلت : وقال هو رحمهالله في حواشي ( الحبل ) : ( لا يخفى أن هذا الكلام يعني : الاعتراض بأن هذا خارج عن أُسلوب الأشكال الأربعة إنما يتّجه إذا تألّف الدليل على هيئة القياس الاقتراني ، وأمّا لو أُلّف على هيئة القياس الاستثنائي لم يتّجه هذا الكلام. كأن يقال : التسليم إمّا واجب في الصلاة أو في غيرها ، لكنّه في غير الصلاة غير واجب ، فهو واجب في الصلاة ) (٢) ، انتهى.
وأقول : هو في غنًى عن هذه التكلّفات ، فإن الدلالة غير منحصرة في القياس الاقتراني ولا الاستثنائي ، فالملزوم يدلّ على اللازم ، وبالعكس أيضاً بالنظر الدقيق ؛ لأنا لا نقول بجواز أعميّة اللازم كما هو الشائع في ألسنة أقلّاء أهل النظر ، وإن كان كلامهم حقّا بوجه ، وليس هنا محلّ بيانه. والعلّة تدلّ على المعلول ، وبالعكس في وجه صحيح ، و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها ) (٣) ، وكلّ إناء بالذي فيه ينضح.
فيكفيه في الاستدلال أن يقول : ثبت وجوب التسليم بمقتضى الأمر ، ولا قائل بوجوب التسليم عيناً في غير الصلاة ، فثبت وجوبه في الصلاة ، وإلّا لزم ؛ إمّا خرق
__________________
(١) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٦ ( حجريّ ).
(٢) الحبل المتين ( ضمن رسائل الشيخ بهاء الدين ) : ٢٥٦ ( حجريّ ).
(٣) البقرة : ٢٨٦.