الشهور إلى الأقراء أو تتربّص إلى أقصى مدّة الحمل فتعتدّ بعدها ، إنما هي التي من الصنف الأوّل. فالعقل والنقل يدلّان على عدم لزوم ما ألزمهم به الشهيد : ، لبطلانه في نفسه ؛ لما يلزم منه من الحرج المنافي للعدل والرحمة ومجرى التكليف على الأضعف الأسهل الأيسر. فيجب أن نفرّق بين حكمي الصنفين ، ويخصّ الانقلاب بالأوّل ، فيرتفع الإشكال.
وأمّا الثاني ، فمن وجوه :
أحدها : أن الإشكال غير وارد على المحقّق وغيره ؛ لعدم إدخالهم الصنف الثاني في حكم الأوّل ، بل أفردوا كلّاً منهما بحكم ، وخصّوا كلّاً منهما ببحث.
الثاني : أنه حكم أوّلاً بأن الضابط أنه متى انقطع حيضها ثلاثة أشهر فصاعداً اعتدّت بالأشهر ، وإطلاقه يقتضي عدم الفرق في اعتدادها بالأشهر بين مَنْ كانت لها عادة في أكثر من ثلاثة أشهر ، أو لم يكن لها عادة ، بل اتّفق أنها لم تحض بعد الطلاق حتّى كمل لها ثلاثة أشهر بيض. وعدم الفرق في مَنْ يعتادها في أكثر من ثلاثة أشهر بين أن تطلّق في أوّل طهرها أو آخره ، بحيث لا يسلم لها بعد الطلاق ثلاثة بيض ، وعدم الفرق في مَنْ يعتادها في أكثر من ثلاثة أشهر بين مَنْ يعتادها لأكثر منها يوماً أو حولاً فصاعداً.
مع أنه قال بعد هذا : إن المعروف من النصّ والفتوى أن مَنْ يعتادها في كلّ سنة مرّة أنها تعتدّ بثلاثة أشهر. وهذا يدلّ على شمول إطلاقه هنا.
ثمّ استدلّ على هذا بإطلاقه بحسنة زرارة : أمران أيّهما سبق (١) إلى آخره ، كما يوضّحه استدلاله بها على قول المحقّق : في المقولة الأُخرى : ( ومَنْ كانت لا تحيض إلّا في خمسة أشهر ) (٢) إلى آخره. فتراه استدلّ بها على حكم الصنفين. وهذه الرواية
__________________
(١) الكافي ٦ : ٩٨ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٣٢ / ١٦٠٩ ، تهذيب الأحكام ٨ : ١١٨ / ٤٠٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٤ / ١١٥٤ ، وسائل الشيعة ٢٢ : ١٨٥ ، أبواب العدد ، ب ٤ ، ح ٥.
(٢) شرائع الإسلام ٣ : ٢٥.