والثاني : أنك قد عرفت أن ابن طاوس رحمهالله (١) : احتمل وجوبهما ؛ لدلالة الأخبار عليه.
وأمّا إن الاحتياط في تقديم السلام علينا فلأنه المنقول من فعل الأئمّة والصحابة وأقوالهم.
وأمّا كون الاحتياط في ألّا يقصد الخروج إلّا بـ : « السلام عليكم » فلِمَا مرّ من أن التسليم حقيقة عرفيّة فيه ، فيكون هو المخرج ، فإن نوى الخروج بالأوّل احتمل أن يكون نواه في أثناء الصلاة ، بل هو الظاهر. وعلى تقدير أن يكون السلام علينا مخرجاً لم يضرّ عدم نيّة الخروج به ؛ لأن نيّة الخروج لا تشترط في التسليم ولا ينته بـ : « السلام عليكم » ؛ لأن غايته أن يكون لَغْواً ، هذا غاية ما يمكن أن يقال ) ، انتهى.
وأقول : ليس ما ذكره رحمهالله هو وجه الاحتياط الذي لاحظه الشهيد : ؛ لأنه قال : ( جمعاً بين القولين ) (٢) ، والظاهر أنه عنى المشهور ، وقول المحقّق : ومن تبعه ، وأمّا إنه لاحظ قول يحيى بن سعيد : وعبارة ( البشرى ) فكلّا ؛ لأنهما شاذّان نادران لا دليل على شيء منهما ، ولا شكّ عنده في سقوطهما ، ولذلك لم يعرج على عبارة ( البشرى ) ، ورمى قول يحيى : بمخالفة الإجماع ، فتوجيه ( المناهج ) غير ما لاحظه الشهيد : ، على أن كلّاً منهما خارج عن طريق الاحتياط على ما سنوضّحه إن شاء الله تعالى من ذي قبل ، وسيأتي أيضاً إن شاء الله تعالى أن فاضل ( المناهج ) : أنكر كون هذا سبيل الاحتياط ، فترقّب إنا وإيّاك لرحمة الله من المترقّبين.
ثمّ اعلم أن الذي يظهر لي أن عبارة المحقّق : في ( المعتبر ) غير صريحة في أن المصلّي إذا بدأ بـ : « السلام عليكم » ، استحبّ له أن يأتي بعده بـ : « السلام علينا » ، حيث إن لفظها كما عرفت هكذا : ( والتحقيق : أنه إن بدأ بـ : « السلام علينا » وعلى عباد الله الصالحين كان التسليم الآخر مستحبّاً ، وإن بدأ بـ : « السلام عليكم » ، أجزأهُ هذا اللفظ ،
__________________
(١) عنه في الذكرى : ٢٠٨ ( حجريّ ).
(٢) الذكرى : ٢٠٨ ( حجريّ ).