وكان قوله ورحمة الله وبركاته ، مستحبّاً ) (١) ، ولم يقل : ويستحبّ له حينئذٍ أن يأتي بعده بـ : « السلام علينا » إلى آخره. بل ظاهر هذه العبارة أنه إن بدأ بـ : « السلام علينا » ، استحبّ له أن يأتي بـ : « السلام عليكم » ، وإن بدأ بـ : « السلام عليكم » ، أجزأه وحده ، ولم أقف على من تنبّه لهذا.
نعم ، هو ظاهر عبارة ( الشرائع ) و ( النافع ) ، حيث قال في ( الشرائع ) : ( الثامن : التسليم ، وهو واجب على الأصحّ ، ولا يخرج من الصلاة إلّا به ، وله عبارتان : أحدهما : أن يقول السلام علينا إلى آخره ، والأُخرى : أن يقول السلام عليكم إلى آخره ، وبكلّ منهما يخرج من الصلاة ، وبأيّهما بدأ كان الثاني مستحبّاً ) (٢) ، انتهى.
ومثلها عبارة ( النافع ) (٣) ، مع أنها محتملة لما هو ظاهر عبارة ( المعتبر ) ، فيكون معناها : إن بدأ بـ : « السلام علينا » ، استحبّ له الإتيان بالأُخرى طبق ما وردت به الأخبار من الترتيب وجاز له تركها ، وإن بدأ بـ : « السلام عليكم » كانت الأُخرى مستحبّة ، بمعنى أنها تترك حينئذٍ لا إلى بدل ، لا أنه يستحبّ الإتيان بها بعد السلام عليكم ؛ لأن كيفيّة العبادة متلقّاة ، ولم يرد به خبر ، فيبعد أن يفتي به مثل هذا الإمام المتبحّر.
وأصرح من عبارتيه عبارة ابن شجاع (٤) في ( معالم الدين ) ، حيث قال في تعداد الواجبات : ( الثامن : التسليم ، وليس بركن ، ومحلّه آخر التشهّد ، وأنه يخرج من الصلاة وإن لم يقصد ، وصورته : إمّا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أو السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
ويجوز الجمع ، فيستحبّ الأخيرة ، على أنها محتملة ؛ لأنه مخيّر في الإتيان بأيّهما شاء وحدها ، وأنه يجوز الجمع بينهما على الترتيب ).
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٢٣٦.
(٢) شرائع الإسلام ١ : ٧٩.
(٣) المختصر النافع : ٨٤.
(٤) محمّد بن شجاع الأنصاري الشهير بالقطّان ، صاحب ( معالم الدين في فقه آل ياسين ) ، من أعلام القرن التاسع الهجري. انظر أعيان الشيعة ٩ : ٣٦٣. والمصدر غير متوفّر لدينا.