بمعنى لتعظّموا الله وتحمدوه على هدايتكم أو على الّذي هداكم إليه من العبادات والعلم بكيفيّة العمل ، فما إمّا مصدريّة أو موصولة ، وقيل المراد به التكبير في عيد الفطر أو التكبير عند رؤية الهلال وكلاهما بعيد ، سيّما الأخير لعدم الفهم وبعد العلّيّة.
فالحكم الّذي يستفاد منها وجوب صوم شهر رمضان بعد حصوله من الآية الأولى إجمالا وكذا وجوب الإفطار على المسافر والمريض لما مرّ تحريره ، وفهم أيضا من بيان اهتمام الواجب تعالى بذلك حيث أكّده بتأكيدات شتّى كما عرفت ووجوب القضاء عليهما ، ونفي المشقّة والحرج والضيق عن العباد في كلّ الأمور إلّا مشقّة علم وجوب تحمّلها لمصلحة يعلمها الله ، وعدم مشروعيّة عبادة شاقّة من عند نفسه كما يدلّ عليه غيرها من الآيات والأخبار ، فتكون الشريعة سمحة سهلة فكأنّما ذكرت هذه الآية لتأكيد وجوب الإفطار على المسافر والمريض ، ليندفع وهم عدم جواز ذلك ، بل عدم وجوبه أيضا ولبيان أنّ الواجب في الآية الاولى هو صوم أيّام شهر رمضان أو أنّ اليسر مطلوب والعسر منفيّ وإلّا فعلم وجوب الصوم من الاولى وعدمه عليهما.
ولا يبعد أيضا الاستدلال على جواز السفر في شهر رمضان من غير ضرورة بهذه الآية وما قبلها ، حيث فهم أنّ المسافر مطلقا يجب عليه الإفطار والقضاء كما مرّ ولو كان السفر غير جائز لما كان كذلك بل كان الواجب عليه الصوم ، ويحرم الإفطار ، ولا يجب القضاء ، بل يجزئ ما صامه في السفر ، ولأنّ هذه الآية تدلّ على نفي العسر وطلب اليسر ، ولا شكّ أنّ منعه من السفر لما ينتفع به لدينه أو دنياه عسر ، وليس بيسر.
ويدلّ عليه بعض الأخبار الصحيحة الصريحة مثل ما رواه محمّد بن مسلم في الصحيح (١) عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار عليه صيام ذلك اليوم ويعتدّ به [من شهر رمضان]. وكذا
__________________
(١) الكافي ج ٤ ص ١٣١ ، الفقيه ج ٢ ص ٩٢ ، التهذيب ج ١ ص ٤١٧.