(الرابع عشر)
(النذر والعهد واليمين)
وفيه أبحاث :
(الأول النذر)
وفيه آيتان :
الاولى : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ) (١).
أي كلّ ما فعلتم من نفقة حسنة أو قبيحة وكلّ ما أوجبتم على أنفسكم بالنذر ، ويحتمل شبهه أيضا الله يعلم (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) فيعلم استحقاق صاحبه [للأجر] ونيّة فاعله فيجازيه على ذلك إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّا فلا يبعد دلالتها على استحباب فعل النذر إن كان المنذور طاعة ، وتحريمه إن كان معصية ، حيث قرنه بالإنفاق المرغوب والمرهوب ، ووعد فاعله بالأجر إذا فعله على الوجه المرضيّ ، وأوعد بالعقاب على عدمه بأنّه يعلمه ، وكذا وجوب الوفاء به لتسمية من يخالفه ظالما على ما هو الظاهر وسيجيء ما يدلّ على الوفاء به.
وقال في مجمع البيان : النذر هو عقد المرء على نفسه فعل شيء من البرّ بشرط ولا ينعقد ذلك إلّا بقوله «لله عليّ كذا» ولا يثبت بغير هذا اللّفظ ، وأصل النذر الخوف ، لأنّه يعقد على نفسه خوف التقصير في الأمر ، ومنه نذر الدّم وهو العقد على سفك الدم للخوف من مضرّة صاحبه ، ومنه الإنذار ، وفي هذا الكلام تأمّل إذ يفهم تخصيصه بالفعل وبالرجل ، إلّا أن يقول بالتأويل ، ويريد بالمرء الشخص أو يعلم المرأة والترك بالمقايسة أو المراد مثلا ، وأيضا التقييد بالبرّ يدلّ على عدم انعقاده في المباح كما هو مذهب بعض الأصحاب ، وهو محلّ التأمّل أيضا لعموم أدلّة النذر ، مع عدم اشتماله على قبح ، ويحتمل أن يريد به المباح.
__________________
(١) البقرة : ٢٧٠.