وأمّا حكم المصدود فان قلنا باندراجه في الآية كما أشرنا إليه ـ وقال في مجمع البيان حيث قال وقوله (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) فيه قولان أحدهما معناه إن منعكم خوف أو عدوّ أو مرض فامتنعتم لذلك ، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطاء ، وهو المرويّ عن أئمتنا (١) وفيه بحث تقدّم (٢) وما رأيت رواية أصلا (٣) لعلّه فقد الأصل ـ فلا بحث في وجوب ذبح الهدي على الظاهر ، وإن لم نقل باندراجه فيها فكذلك أيضا لثبوت الإحرام وعدم العلم بالتحلّل إلّا بالذبح فيبقي بدونه على المنع ومعه يتحقّق كما هو الظاهر من مذهب الأصحاب ، وللتأسّي به صلىاللهعليهوآله فيما فعل في الحديبية كما دلّ عليه صحيحة معاوية بن عمّار.
وأيضا قال بعد صحيحة معاوية بن عمار في الفقيه : وقال الصادق عليهالسلام المحصور والمصدود ينحران بدنتيهما في المكان الّذي يضطرّ ان فيه (٤) وهذا كما يدلّ على وجوب الهدي على المصدود يدلّ على جواز النحر في المحصور أيضا مكانه كما أشرنا إليه ، ولا يبعد إدخاله في الآية حينئذ ، وأيضا يدلّ على وجوب ذبح الهدي على المصدود في مكانه رواية زرارة في الكافي في باب الحصر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : المصدود يذبح حيث صدّ ويرجع صاحبه فيأتي النساء ، والمحصور يبعث الخبر (٥) وكذا رواية حمران فيه عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حين صدّ بالحديبية قصّر وأحلّ ونحر (٦) لكنّهما غير صحيحتين إلّا أنه عمل بهما أكثر الأصحاب ومؤيّدان بغيرهما ، وإن كان في دلالة الأخيرة تأمل.
وأيضا فيها دلالة على عدم الترتيب بين النحر والتقصير ، والترتيب أولى
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٢ : ص ٢٩٠.
(٢) من أن قوله تعالى (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) لا يناسب المصدود.
(٣) يعني رواية دالة على كون الحصر بمعنى مطلق المنع الشامل للمرض والعدو.
(٤) ينظران فيه خ ، فقيه من لا يحضره الفقيه ج ٢ ص ٣٠٥.
(٥) الكافي ج ٤ ص ٣٧١.
(٦) المصدر : ص ٣٦٨.