حملت على الإرشاد ، ويحتمل الاستحباب للمبالغة في حفظ ماله بل الوجوب لو قال به قائل لأنّهم يقولون بوجوب حفظ المال وتحريم التضييع ، وترك الاشهاد قد يؤول إليه ، فالظاهر أنّه لا نزاع فيه مع تحقّق ذلك وتدلّ هذه بالمفهوم الّذي هو حجّة وهو مفهوم الشرط بل مفهوم الغاية أيضا لأنّه قيل : معنى قوله : «حتّى يبلغ النكاح» كمل عقله ورشده ، وهو المناسب إذ مجرّد البلوغ والعقل ليس بغاية المنع وينبغي إرادة كمال العقل وإصلاح المال بالرشد كما قال في مجمع البيان ، وقوله (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ) بالمنطوق صريحا على تحريم إعطاء المال إلى السفهاء حتّى يبلغوا ويرشدوا ، فيحرم بدونهما وإن كبر سنّه وصار شيخا كبيرا.
وقول أبي حنيفة بإعطاء المال بعد خمسة وعشرين سنة أونس منه الرشد أو لا لأنّ البلوغ يحصل بثمانية عشر ، ويحصل بعد سبع سنين تغيير في أحوال الناس لقوله صلىاللهعليهوآله مروهم بالصّلاة لسبع على ما نقله عنه في الكشّاف بل القاضي أيضا مخالف للقرآن العزيز ، والعقل السليم من غير دليل ، والدليل المذكور باطل ، فانّ كون البلوغ ذلك ممنوع وبعد التسليم حصول التغيير ممنوع وعلى تقدير التسليم حصول تغيير موجب للدفع وترك القرآن ممنوع ، والخبر بعد تسليمه لا يدلّ على ذلك وهو ظاهر ، كيف يدلّ الخبر المعمول على خلاف القرآن ، وإن دلّ يجب التأويل بحيث يمكن الجمع وعلى تقدير دلالته على تغيير فإن كان هو إيناس الرشد فلا معنى لقوله أونس منه الرشد أولا ، وأيضا خلاف المشاهد لأنّه يوجد من هو في ذلك السنّ مع عدم الرشد ، وأنّه إن سلم وصحّ فلا يحتاج إلى الاستدلال الضعيف المذكور ، إذ يكفيه الآية فان لم يكن ذلك التغيير إيناس الرشد فلا معنى لاعتباره لإعطاء المال مع بقاء السفه الموجب لعدم الإعطاء بالنصّ والإجماع والعقل بل يمكن أن يقال يلزمه البلوغ في أربعة عشر ، بل جواز الإعطاء أيضا فإنّه يحصل التغيير للخبر ، بل للسبع أيضا.
وبالجملة هذا القول مع هذا الدليل من الغرائب والعجائب.
ثمّ نهى عن أكل مال اليتامى مسرفا في ذلك فاسرافا بمعنى مسرفين حال عن الآكلين