خلاف الحقّ أي الأيمان الكاذبة فلا كفّارة حينئذ فلا حذف في الكلام (وَاللهُ غَفُورٌ) يغفر الذنوب لعلّه مع التوبة وجوبا أو تفضّلا من غير توبة أيضا (حَلِيمٌ) يؤخّر العقوبة ولا يعجل بها لأنّه إنّما يعجل من يخاف الفوت.
الثالثة : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) (١) يحتمل أن يكون المراد من اللّغو ما يصدر من الإنسان بغير قصد ، كقول الرجل لا والله وبلى والله ، حين الغفلة والغضب وغير ذلك ، ولهذا شرط في انعقاده القصد ، ويشعر به ما بعده كما مرّ ويحتمل الحلف على ما ظنّ أنّه كذلك ولم يكن ، ويمكن شموله للكلّ ، والظاهر أنّ (فِي أَيْمانِكُمْ) صلة اللّغو لأنّه مصدر أو حال عنه أو صفته ، بأن يقدّر معرّفا باللّام مثل الحاصل ، والمراد نفي المؤاخذة مطلقا في الدنيا بعدم الكفّارة وعدم التّعزير وفي الآخرة بعدم العقاب (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) بالقصد وجئتم بها على الوجه الشرعيّ إن كان مستقبلا قابلا للحنث بالكفّارة والتعزير بل العقاب أيضا ويحتمل السقوط بالكفّارة ، وإن كان ماضيا بالعقاب والتعزير ، إن كان كذبا عن عمد من غير داع شرعا مع عدم التوبة (فَكَفَّارَتُهُ) بيان للمؤاخذة أي كفّارة نكث الحلف والمؤاخذة به ، قال القاضي المراد بالكفّارة الفعلة الّتي تذهب الإثم ، وتستر الذنب ، واستدلّ بظاهره على جواز التكفير بالمال قبل الحنث ، وهو عندنا خلافا للحنفيّة لقوله عليهالسلام من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليكفّر عن يمينه وليأت الّذي هو خير (٢) ولعلّ «لقوله عليهالسلام» دليل لمذهبه لا لمذهب الحنفيّة. وظهور الآية ممنوع لأنّ الكفّارة إنّما يكون بعد الذنب كما فهم من كلامه عليهالسلام أيضا ، مثل كفّارة إفطار شهر رمضان وغيره فلا معنى لتقديمها ، وعلى تقدير ظهور الآية في ذلك فالتخصيص بالمال لا وجه له ، وكذا الخبر مع أنّ جعله دليل ظاهر الآية غير سديد ، على أنّه مقيّد برؤية غيرها خيرا ، والمراد أعمّ وأنّه غير معلوم الصحّة ، والّذي ثبت عند الأصحاب أنّه إذا حلف على شيء ثمّ رأى غيره أولى تنحلّ
__________________
(١) المائدة : ٨٩.
(٢) أنوار التنزيل ص ١٢٤ ، والحديث تراه في سنن أبى داود ج ٢ ص ٢٤٠.