علىّ امرأة ليست من أعلم النساء (١).
ثمّ إنّه لا شكّ في عدم جواز أخذ ما أعطى من المهر بعد الدخول بوجه ، سواء أراد الزوج الاستبدال أم لا ، فذكر الاستبدال يحتمل لكون العمل ذلك وقت نزولها ولكونه محلّ الأخذ حيث آتاها مهرا وقد طلقها ، وأراد بدلها اخرى ، وهي تحتاج إلى مهر ، والمهر إنّما يكون لدوام الاستمتاع ، وما استمتع إلّا في بعض الزمان ، ولكونه يلزم منه عدم الجواز مع عدم الإخراج والاستبدال بالطريق الأولى وبالجملة هنا لا يتوهّم اعتبار المفهوم لعدم شرط حجّيته والعمل به ، وهو ظاهر فتأمّل.
الثانية : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) (٢).
أي لا تبعة عليكم في مهر وما وجب عليكم ـ بقرينة وجوبه فيما يقابله وهو قوله (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ) حيث أوجب نصف المهر فدلّ على أنّ المنفيّ أوّلا هو المثبت ثانيا ـ إن طلّقتم النساء قبل المسّ والوطي وقبل فرض المهر فيكون «أو» بمعنى الواو ، وقد يدلّ عليه (وَقَدْ فَرَضْتُمْ) أو يكون «أو» بمعنى «إلّا أن» أو «حتّى» كذا في التفسيرين ، وفيه تأمّل إذ على الأوّل المناسب فرضتم وعلى الثاني يلزم تجويز الفرض ولزوم شيء به بعد الطلاق قبل المسّ وهو باطل ، ويحتمل أن يكون المراد نفي الإثم كما في قوله تعالى (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) مع تأويلات ، أو تفرضوا وبدونها ويحتمل حينئذ أن يكون عديل «أو» محذوفا ، فالتقدير إن لم تفرضوا لهنّ فريضة أو تفرضوا وهو أيضا خلاف الظاهر مع عدم ظهور فائدة التقييد بقبل المسّ فإنّه بعده أيضا لا إثم إلّا أن يقال إنّه لا إثم حينئذ مطلقا بخلاف ما بعد المسّ أو يقال إنّه لدفع تخيّل أنّه لمّا لم يحصل فائدة النكاح لم يجز الطلاق
__________________
(١) راجع الدر المنثور ج ٢ ص ١٣٣.
(٢) البقرة : ٢٣٦.