مثلها أقلّ من ذلك فلها حينئذ الأقلّ من نصف مهر المثل والمتعة ، ولا ينقص من خمسة دراهم لأنّ أقلّ المهر عشرة دراهم فلا ينقص من نصفها ، وذلك خلاف ظاهر الآية ، وكذا تعيين أقلّ المهر خلاف الظاهر (١).
فدلّت الآية على جواز الطلاق ، وعدم وجوب المهر للمرءة المطلّقة قبل الدخول وقبل تسمية المهر لها ، ووجوب المتعة لها بالمنطوق وعلى عدمها لغيرها بالمفهوم ، وهو مذهب الأصحاب والحنفيّة وألحق الشافعيّ بها في أحد قوليه الممسوسة المفوّضة وغيرها قياسا ، لأنّه مقدّم على المفهوم كذا في تفسير القاضي وهو خلاف الظاهر والأصل وإيجاب الشيء بمثل هذا القياس الّذي لا علم بعلّته مع مخالفته ظاهر القرآن اليقينيّ بعيد ، إذ قد يكون العلّة الطلاق مع عدم الفرض وعدم المسّ كما هو الظاهر ، وأيضا يلزم اللّغو وهو دليل القائل بالمفهوم وأنّ إلحاق الممسوسة الغير المفوّضة أبعد ولعلّه لذلك ما قال به في قوله الآخر ، وبالجملة من سوقهما يفهم تخصيص المتعة بالمذكورة في الآية كما هو مذهب الأصحاب فافهم.
الثالثة : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) (٢).
بين في السّابقة حال المطلّقة المفوّضة قبل المسّ والفرض ، وبيّن في هذه حالها بعد الفرض وقبل المسّ وترك المطلّقة بعدهما ، فانّ حكمها لزوم المسمّى وكذا المطلّقة بعد المسّ وقبل الفرض فحكمه عند الأصحاب مهر المثل (وَقَدْ فَرَضْتُمْ) جملة حاليّة عن فاعل فعل الشرط أي طلّقتموهنّ (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) جوابه مرفوع إمّا بأنّه مبتدأ خبره محذوف أو عكسه والتقدير : فالواجب أو فالّذي عليكم نصف ما فرضتم ، أو فلهنّ نصف ، أو عليكم نصف ، أو نصف ما فرضتم واجب عليكم (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) فالاستثناء كأنّه من مقدّر أي الواجب نصف على جميع التقادير والحالات ، إلّا على تقدير حصول العفو من
__________________
(١) خلاف الأصل خ.
(٢) البقرة : ٢٣٧.