فيفهم كمال الاهتمام بإخوة الايمان.
قال في الكشّاف وتفسير القاضي ومجمع البيان وفي قوله «شيء» دليل على أنّ بعض الأولياء إذا عفى سقط القود ، لأنّ شيئا من الدّم قد بطل بعفو البعض والله تعالى قال (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) الآية والضمير في «له» و «في أخيه» كلاهما يرجعان إلى «من» وهو القاتل أي من ترك له القتل ورضي عنه بالدية ، هذا قول أكثر المفسّرين قالوا العفو أن يقبل الدية في قتل العمد ، ولم يذكر سبحانه العافي لكنّه معلوم أنّ المراد به من له القصاص والمطالبة وهو وليّ الدم.
وأنت تعلم أنّ عفو بعض الورثة لا يسقط القود الثابت لباقي الورثة على ما هو في كتب الأصحاب وادّعى الإجماع عليه الشهيد الثاني في شرح الشرائع ولا دلالة في الآية عليه ، إذ معناها الله يعلم أن ليس من العافي إلّا الاتّباع ، ومن المعفوّ له إلّا الأداء بالإحسان ، ولا يفهم منه حكم غير العافي ، فما كان له باق غير ساقط وهو ظاهر وقال في الكشّاف والقاضي أنّ عفى الشيء بمعنى تركه ، حتّى يكون شيء مفعولا به له ، لما جاء في اللغة ، إذ لا يقال عفاه بل أعفاه فهو لازم ، فالمعنى من عفي له من جهة أخيه شيء من العفو ، فالشيء مفعول مطلق.
ثمّ قال في مجمع البيان : والقول الآخر أنّ المراد بقوله (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) وليّ الدم ، والهاء في «له» و «أخيه» يرجع إليه ، وتقديره فمن بذل له من أخيه يعني أخ الوليّ ، وهو المقتول الدية ، ويكون العافي معطي المال ذكر ذلك عن مالك ومن نصر هذا القول قال : إنّ لفظ شيء منكّر ، والقود معلوم ، فلا يجوز الكناية عنه بلفظ المنكّر ، إلى قوله وهذا ضعيف ، والقول الأوّل أظهر وقد ذكرنا القول في تنكير شيء هذا.
وقد عرفت أنّه غير منطبق على كلام الأصحاب إذ المشهور عندهم جواز القود للبعض مع رضا البعض بالدية والعفو فيؤدّى حصص الباقين ، نعم نقل في الإسقاط رواية والعمل بها والقائل غير معلوم ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنّ كلّ العفو وبعضه مساو في الحكم وهو اتّباع بالمعروف ، وأداء إليه بإحسان.