الضياع ، إذ كل علم ليس في القرطاس ضاع.
حتى إذا تألب (١) عليّ صروف الزمان ، واختلف باختلاف أغراضي الجديدان (٢) وولى من العمر أفضله ، وأدبر مستقبلة ، وذهب بصري ، فخفت أن يذهب ـ كذهاب عيني ـ أثري.
فهممت بتحرير بعض المسائل المهمة ـ لو ينفع بالشيخ الهمّ بذل الهمة ـ أخذا بقولهم ـ سلام الله عليهم ـ : «ما لا يدرك كله لا يترك كله» (٣) والميسور لا يسقط بالمعسور (٤).
قصرت أملي على من حضرني ـ على اختلاف معرفتهم واختلاف شئونهم في تشتيت البال وكثرة المعوقات من الاشتغال.
فحيثما عثرت على تعقيد في التعبير ، أو سماجة (٥) في التحرير فقد عرفت أمره وأسلفنا لك عذره.
وقد سميتها (بلغة الفقيه لما يرتجيه) رجاء أن يبلغنا الله تعالى بها مبالغ رضاه ، ويجعلها من أحسن الوسائل يوم نلقاه.
فنقول :
__________________
(١) تآلب : تجمّع وتحشّد.
(٢) الجديدان والأجدان : الليل والنهار ، لأنهما لا يبليان أبدا ، وهما لا يفردان فلا يقال : للواحد منهما : الجديد أو الأجد.
(٣) حديث نبوي شريف ، ذكره العجلوني في (كشف الخفاء ج ٢ رقم ٢٢٥٨).
وذكر ابن أبي جمهور الأحسائي في كتابه (غوالي اللئالي) : أنه علوي.
(٤) حديث علوي ـ كما ذكره في كتاب (غوالي اللئالي) ـ راجع الحديثين أيضا في (حاشية الاشتياني على رسائل الشيخ الأنصاري ص ١٨٩) طبع إيران.
(٥) سمج ـ بالضم ـ سماجة وسموجة : قبح.