فان مورد إجرائها في (المسالك) بين المستعير والغاصب المعير وهو مجراها ، لتحقق العارية بينهما ، ولا مورد لجريانها بين المالك والمستعير الذي لا عارية بينهما حتى يصلح أن يجعله مدركا للحكم.
هذا كله مع جهل المستعير بالغصب. وأما مع علمه به ، فهو ضامن للعين والمنفعة ، وقرار الضمان عليه لو تلفت في يده ، ولعله مورد توهم نقض القاعدة به ، لكونها مضمونة ـ حينئذ ـ من غير خلاف ، مع كونها غير مضمونة بصحيحها ، ولا مدخلية للعلم والجهل إلا في الإثم وعدمه دون الأحكام الوضعية من الضمانات وعدمها.
ولكنه توهم فاسد ، لأن المستعير لعلمه بالغصب علم بكونها مضمونة عليه ـ شرعا ـ ولو للمالك ، فهو كعارية الذهب والفضة ـ المضمونة شرعا لا بشرط من المعير ، فهو إقدام منه على الضمان ، والعارية مضمونة بصحيحها فهي مضمونة بفاسدها ـ فتأمل (١).
__________________
(١) قد يقال : إن وجه ضمان المستعير للعين من الغاصب إذا كان عالما بغصبيتها ، إنما هو قاعدة تعاقب الأيدي على مال الغير عدوانا ، فإنه لعلمه بالغصب يكون غاصبا كالمعير ، فيضمن للمالك العين والمنفعة ـ مطلقا.
وليس الوجه في ذلك كونها عارية مضمونة كعارية الذهب والفضة ، فهو أقدام منه على الضمان ، والعارية مضمونة بصحيحها ، فهي مضمونة بفاسدها ، كما يقول سيدنا ـ قدس سره ـ فإن عارية الذهب والفضة إنما يكون المضمون فيها للمالك نفس العين دون المنفعة ـ أيضا ـ مضافا الى أن عارية الذهب والفضة يضمنها المستعير للمالك والمعير على البدل ، بمعنى أن المالك لو رجع ببدل العين التالفة على المستعير خسره له ، ولو رجع على الغاصب المعير وأخذ البدل منه خسره المستعير له ـ أيضا ـ فهو مقدم على ضمان العين وبدلها على البدل ، وهذا بخلاف المستعير من الغاصب العالم بكونه غاصبا ، فان ضمانه للمالك لو رجع عليه ببدل