__________________
والحاصل ، المدعى أن الإجارة لا تختلف حقيقتها باختلاف أفرادها بل هي حقيقة واحدة في الجميع وهو تمليك المنفعة ـ بالعوض في قبال البيع الذي هو تمليك العين بالعوض ، ومنفعة كل شيء بحسبه ، فمنفعة الحر عمله ومنفعة العبد خدمته ، ومنفعة الدابة حمل المتاع أو الركوب عليها ، ومنفعة الدار السكنى فيها ، وهكذا. والمضمون بعقد الإجارة بالعوض هو المنفعة التي ملكها المستأجر بالعقد ، وأما العين المستأجرة فنفس العقد لا يقتضي تضمينها ، وإن أمكن اشتراط ضمانها بالنسبة الى بعض أفرادها ، وسيأتي بيانه.
وأما من جهة تسليط المالك للمنفعة على العين ليستوفي ما ملكه بعقد الإجارة ، فبالنسبة الى ما لا يمكن ويتصور فيه ذلك ، كإجارة الحر نفسه للعمل ، بناء على المشهور من عدم دخوله تحت اليد ، فليس محلا للكلام وأما بالنسبة الى ما يمكن فيه ذلك كسائر موارد الإجارة ، فما يتوقف استيفاء المستأجر ما ملكه بالعقد من المنفعة وانتفاعه بها على كون العين المستأجرة تحت يده مدة الإجارة ، ولا يمكن حصولها بغير ذلك كإجارة المساكن والحوانيت ونظائرها فعقد الإجارة كما يقتضي تضمين المستأجر المنفعة بعوضها كذلك يقتضي تسليطه على العين مدة الإجارة ـ مجانا ـ وعدم تضمينه لها.
وعليه فيكون اشتراط ضمانها مخالفا لمقتضى العقد فيبطل. وأما ما سوى ذلك من موارد الإجارة مما لا يتوقف استيفاء المستأجر وانتفاعه بما ملكه على كون العين تحت يده ، بل يمكن فيه ذلك ، وهي في يد المالك المؤجر ـ أيضا ـ فعقد الإجارة بالنسبة إلى التسليط على العين وكونها تحت يد المستأجر لا اقتضاء ، فيصح للمؤجر أن يشترط على المستأجر في متن العقد ضمانها عند تسلمها.