لكل منهما الامتناع عن التسليم حتى يحصل التقابض ، ولو بالرجوع الى الحاكم عند التشاحّ.
وعليه ، فبالتلف يتحقق الانفساخ المسبب عن عدم الوفاء بتمام مقتضى العقد (١).
__________________
(١) وبتقريب آخر : أن كلا من المتعاقدين كما يلتزم للآخر بالمبادلة بين المالين في عالم الاعتبار الذي هو المدلول المطابقي لإنشائه كذلك يلتزم له بالمبادلة الخارجية ، وهي : إعطاء ما خرج من ملكه اليه بدلا عما يأخذه منه ، ومرجع ذلك الى التزامه بتسليم ما سمّاه لصاحبه في عقد المعاوضة بدلا عما يتسلمه منه ، فاذا خرج المسمى في العقد عن صلاحية كونه بدلا وعوضا عما يتسلمه منه لتلفه أو ما هو بمنزلة التلف ـ كصيرورة العبد حرا بسبب الزمانة والإقعاد ، وكسرقة المتاع مع عدم معرفة السارق ، أو غصب الظالم له بنحو لا يرجى عوده ، ونحو ذلك ـ يخرج عوضه عن البدلية ، ويرجع الى ملك مالكه ، فيرجع المعوض والمبدل أيضا الى مالكه وهو معنى الانفساخ.
لأن المعاوضة والمبادلة المقتضية لخروج المعوض عن ملك من دخل العوض في ملكه ، ودخوله في ملك من خرج العوض عن ملكه الى مالك المعوض بطلانها مقتض للعكس ، أعني : دخول ما خرج ، وخروج ما دخل ، فاذا دخل الثمن في ملك المشتري ـ مثلا ـ فلا بد من خروج المثمن عن ملكه ، إذ لا يمكن الجمع بين العوض والمعوض ، فتنفسخ المعاوضة ويرجع كل من العوضين الى مالكه الأصلي.
فإن قلت : سلمنا أن الانفساخ ورجوع كل من العوضين الى مالكه الأصلي على طبق القاعدة ، ولكن رجوع المبيع الى ملك البائع قبل التلف آنا ما تعبد صرف بمقتضى ظاهر قوله (ص) : «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» فإن ظاهره كون التلف يقع في ملك البائع وان المبيع عند تلفه يكون من أمواله ، وانفساخ المعاملة ورجوع المبيع إلى ملك البائع إذا كان مسببا عن التلف ومعلولا له كيف