الخامسة ـ ما إذا كان التلف بعد القبض لكن في أثناء المدة.
السادسة ـ ما إذا كان التلف بعدهما ، والحكم فيهما واحد من حيث استحقاق الأجرة إلى حين التلف ، غير أنه يستحق من الأجرة إلى حين التلف في الأولى لكونه مقبوضا له ، والتلف في الأثناء يكشف عن تعذر التسليم فيما بقي من المدة ، وفي الأخيرة يستحق الأجرة بتمامها لكون المنفعة بجملتها مقبوضة له ، وان لم يستوفها في تمام المدة أو في بعضها.
هذا ، وليعلم أن قبض المنفعة يصدق ـ عرفا ـ بقبض العين ، وان كان حصولها بالتدريج ، فللمؤجر مطالبة الأجرة بمجرد تسليم العين إلى المستأجر ولا كذلك في الأجير على عمل ، فليس له مطالبة الأجرة إلا بعد إيجاد العمل وان ملكها بالعقد ، والفرق : ان اليد على العين ـ عرفا ـ يد على منافعها ، فتكون المنافع ـ بأجمعها وان تجدد حصولها ـ تحت يده عرفا لكن بشرط بقاء العين المحرز عندهم بأصالة السلامة من التلف واستصحاب بقائها ، ولذا كانت منافع العبد المملوك مضمونة على من حبسه ، وان لم ينتفع بخدمته ، وحيث لا يد على الأجير الحر لا يكون عمله مقبوضا للمستأجر وتحت يده إلا بعد إيجاده ، فليس له مطالبة الأجرة قبله ، وان ملكها بالعقد ، ولذا لا تكون منافع الحر المحبوس مضمونة على حابسه ، إذ لا يد له عليه حتى يكون له يد على منافعه.
نعم ، لو حبس الأجير على عمل مشخص بمدة مخصوصة كيوم مخصوص غير المستأجر ضمن الحابس منفعته المخصوصة ، لصدق الإتلاف عليه ـ عرفا ـ بعد تموّله عندهم.
ولعلّ فيما ذكرنا ـ : من الفرق بين الأجير ومؤجر العين في صدق قبض المنفعة وعدمه مع تملك كل منهما الأجرة بالعقد ـ شهادة أيضا على ما قويناه : من كون القبض من مقتضيات العقد في سائر عقود المعاوضات.