التملك بمجرد الحيازة بالاحتشاش والاحتطاب وترتيب آثار الملكية عليها بالبيع أو الشراء ، وغير ذلك من غير فرق بين كون الحائز من الشيعة أو غيرهم ، فلا يجدي التمسك بأخبار الإباحة والتحليل بالنسبة إلينا بالخصوص في رفع الاشكال بعمومه ، بل ذلك مقتضى ما ورد من قوله (ص): «الناس شركاء في ثلاثة : النار والماء والكلاء» (١) بل الظاهر منه سيما مع عطف الكلاء على الماء المعلوم كونه من المباحات الأصلية : كون الثلاثة باقية على الإباحة الأولية. بل قد يقال : لم نجد مصداقا لما يتحقق معه الإباحة الأصلية من الكلاء والماء والنار المقصود منها ـ ظاهرا ـ الشجر والحطب ولو مجازا ، كيف وإباحة شيء من تلك فرع إباحة الأرض النابتة فيها. وليس ـ عندي ـ من الأراضي ما هي باقية على إباحتها الأصلية ـ بعد ما عرفت من تقسيم الأراضي وأحكامها.
ودعوى استثناء ذلك من أدلة التبعية في خصوص ما ينبت في أرض الإمام عليه السلام المختصة به بالإمامية ، فيها من الوهن ما لا يخفى.
فلا محيص عن الإشكال ، إلا بما سنح بالبال وخطر في الخيال ، بدعوى إمكان : أن يقال ـ ولو للجمع بين الأدلة ـ : ان تلك الأشياء ـ مع كونها مملوكة للإمام ـ يجب عليه ـ عليه السلام ـ بذلها للأنام كافة كما يجب على المعيل بذل ماله لمن يجب عليه نفقته ، حتى يكون جميع الناس مطوقين له بطوق إحسانه متنعمين بسعة فضله وامتنانه ليكون له فضل المنعم ، ويستحق عليهم شكر المتنعم ، وهو أتم للحجة وأوضح للمحجة ، فتلك ـ لسعة البذل وعمومه ـ بحكم المباحات الأصلية في تملك من سبق
__________________
(١) حديث نبوي مشهور بين الفريقين ، يذكره ابن الأثير في (النهاية) باب الشين ، ومن الخاصة عامة الموسوعات الفقهية في باب المباحات الأصلية.