وأما من له الولاية ـ على هذا الحق ـ وهو الحاكم الشرعي ـ فولايته مقصورة على أخذ الحق ممن هو عليه ، وإيصاله لأربابه وصرفه في مصارفه ، ولا تتعدى ولايته إلى جهة إسقاط الحق الذي هو خلاف مصلحة الأصناف وحكمة جعل ذلك الحق لهم.
ومن هنا : ليس له بخس حق المستحق بالمصالحة مع من عليه الحق على شيء يسير لا يعادل الحق المجعول للمستحق.
والحاصل : إن هذا الحق من هذه الجهة كالحكم الشرعي على موضوعه غير قابل للإسقاط ، كما أنه غير قابل للانتقال الى الغير ـ لا بإرث ولا بغيره ـ كما لا يخفى.
هذا وقد ظهر لك مما ذكرنا الوجه في عدم قابلية حق الزكاة للإسقاط والانتقال ، كما أنه ظهر أن فريضة الزكاة من سنخ الحقوق ، وليست ملكا في العين لا بنحو الإشاعة ولا بنحو الكلي في المعين.
وظهر أيضا أنه ليس من قبيل ما ذكرناه من الحقوق وان كان ربما يشبه بعضها من بعض الجهات ، بل هو حق مستقل متعلق بمالية العين لا بخصوصيتها ، فهو من هذه الجهة يشبه إرث الزوجة مما سوى الأرض كالأبنية والنخيل والأشجار فإنه حق متعلق بماليتها غير أنه من قبيل الملك الفعلي للزوجة ، وليس من سنخ الحقوق اصطلاحا مما هو ملك شأنا ، إذ لا شبهة في اتحاد كيفية إرث الزوجة من الأموال المنقولة وغير المنقولة سوى أن إرثها من الأول يتعلق بالعين ، ومن الثاني يتعلق بماليتها وقيمتها ولا إشكال في أن إرثها من المنقول بنحو الملك الفعلي ، فليكن إرثها من غير المنقول كذلك ومقتضاه جواز المصالحة على حقها مع الوارث أو الأجنبي فينتقل ما تستحق من القيمة اليه.
ولا أظن أن فقيها يلتزم بجواز المصالحة على الزكاة قبل أخذها ممن