__________________
بالضمان» (١) على خلاف ما استفاده أبو حنيفة ، فإنه فهم منه المعنى الاسم المصدري ، في مورد صحيحة أبي ولاد ـ عند اكترائه بغلا من الكوفة إلى قصر بني هبيرة في طلب غريم له ، فخالف وركبه الى النيل ، ثم الى بغداد ، وأرجعه الى صاحبه بعد خمسة عشر يوما ـ وتراضيا بأبي حنيفة حكما فقال لصاحب البغل : ما تريد من الرجل؟ قال : أريد كراء بغلي ، فإنه حبسه علي خمسة عشر يوما ، فقال أبو حنيفة : إنى ما أرى لك حقا ، لأنه اكتراه الى قصر بني هبيرة ، فخالف فركبه الى النيل والى بغداد فضمن قيمة البغل ، وسقط الكراء. فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكراء. فخرج صاحب البغل يسترجع ، فرحمه أبو ولاد مما افتى به أبو حنيفة وأعطاه شيئا وتحلل منه.
وحج في تلك السنة ، واجتمع بأبي عبد الله الصادق ـ عليه السلام ـ وأخبره بفتوى أبي حنيفة ، فقال ـ عليه السلام ـ : «في مثل هذا القضاء تحبس السماء ماءها والأرض بركاتها» فقال له أبو ولاد : فما ترى أنت جعلت فداك؟ قال ـ عليه السلام ـ : أرى له عليك مثل كراء البغل : ذاهبا من الكوفة إلى النيل ، وذاهبا من النيل الى بغداد ، ومثل كراء البغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه.» (٢) الخبر.
وبالجملة ، مستند فتوى أبي حنيفة ما فهمه من قوله (ص) «الخراج بالضمان» من أن مطلق دخول الشيء في العهدة مقتض لاستحقاق منافعه ، ولو كان بغير
__________________
(١) ذكره العجلوني بهذا اللفظ في (كشف الخفاء : ج ١ حديث ١٢٠٥) عن عامة الصحاح.
(٢) مضمون خبر مفصل يذكره الحر العاملي ـ قدس سره ـ في (الوسائل ج ٣ ، أحكام الإجارة ، باب إن من استأجر دابة إلى مسافة فتجاوزها.) حديث (١) طبع طهران إسلامية.