ثم الظاهر إرادة التدارك من الضمان (١) وهو الظاهر من كون الشيء
__________________
وجوده وصحته مما ليس فيه الضمان ، فهو على تقدير فساده ليس فيه الضمان وهذا المعنى الظاهر من القضية الحقيقية ظاهر الانطباق على ما احتمله ذلك البعض ـ كما لا يخفى ـ فان البيع بلا ثمن ، والإجارة بلا أجرة لو فرض كونهما صحيحين لا ضمان فيهما. فهكذا مع فرض فسادهما.
ثم ان هذا بناء على ان إنشاء البيع بلا ثمن ، والإجارة بلا أجرة مصداقان للفاسد منهما ، وأما بناء على كونهما مصداقين للهبة والعارية الصحيحتين بناء على صحة إنشاء عقد بلفظ آخر مع نصب قرينة على المراد ، أو انهما مصداقان للفاسد منهما بناء على عدم صحة ذلك ، فعدم الضمان فيهما واضح ، حيث أنه لا ضمان في الهبة والعارية مطلقا.
__________________
(١) الضمان : مصدر : ضمن الشيء ـ إذا تعهد به ، وهو مأخوذ من دخول شيء في شيء. مثلا : الدلالة التضمنية تقال لمكان دخول المدلول التضمني في المدلول المطابقي ، وكون الدلالة عليه في ضمن الدلالة المطابقية ، والمراد به ـ هنا ـ تعهد الإنسان بمال شخص آخر. وإنما سمي (ضمانا) لدخول المال المضمون في عهدة الضامن وذمته ، وهو ملزوم لكون درك المضمون عليه ، وخسارته من ماله ، فليس كون الدرك والخسارة من مال الضامن نفس الضمان ، وإنما هو لازم له.
ثم إن إطلاق الضمان واستعماله في التعهد قد يكون بلحاظ معناه المصدري ، أعني : نفس التعهد بالمال وجعله في العهدة بما هو فعل الضامن ببذل العوض في مقابله ، وقد يكون بلحاظ معناه الاسم المصدري المتأخر عن اللحاظ الأول رتبة اعني كون المال في العهدة ، ودخوله فيها الذي هو نتيجة الجعل ، بل ولو لم يكن بجعل منه ، بل كان بسبب غير اختياري للضمان ، كما في ضمان المقبوض بالسوم ، وكضمان المتلف لمال الغير حال النوم ـ مثلا.
وبلحاظ المعنى المصدري استعمل الضمان في النبوي المعروف : «الخراج