( مئتان وثلاث عشرة ذراعاً ) (١).
ولكن حصلت زيادات على القدر القديم للمسجد ، فإن كانت هذه الزيادة لجهة المشرق فقد دخلت هذه الزيادة في عَرَفَة ، كما قال البعض وهو القشيري ، فقد قال : « والمسجد ـ أي القديم ـ الذي يصليّ فيه الإمام ـ اليوم ـ يوم عَرَفَة هو في بطن عُرَنَة ، فإذا خرج منه الإنسان يريد الوقوف فقد صار في عَرَفَة ».
ولكن إذا أخذنا بهذا القول الشائع والمشهور ، وقلنا : إنّ المسجد القديم ليس من عرفات ، وقد صلّى النبيّ صلىاللهعليهوآله الظهر والعصر فيه فسوف تواجهنا مشكلة ينبغي حلّها ، وهذه المشكلة عبارة عن القول بعدم وجوب الوقوف في عَرَفَة من أوّل الزوال إلى الغروب اختياراً ، بل يكفي الوقوف بعَرَفَة بعد الزوال بمقدار ما يغتسل ويصليّ ويخطب ويذهب إلى الموقف ، بينما ذُكر : أنّ وقت الاختيار في الوقوف بعَرَفَة هو من زوال الشمس إلى غروبها ، وأنّ الركن هو المسمّى ، وكأنّ هذا من البديهيّات ، فقد ذكر الشهيد الأوّل والثاني في كتاب اللُمعة الدمشقيّة وشرحها بأنّ من الواجبات : « الوقف بمعنى الكون بعَرَفَة من زوال التاسع إلى غروب الشمس مقروناً بالنيّة المشتملة على قصد الفعل المخصوص متقرّباً بعد تحقّق الزوال بغير فصل ، والركن من ذلك أمر كلّي وهو جزءٌ من مجموع الوقت بعد النيّة ولو سائراً ، والواجب الكلّ » (٢).
وقد صرّح غير واحد من الفقهاء بذلك ، بل في المدارك نسبته إلى الأصحاب ، فيجب مقارنة النيّة للزوال ليقع الوقوف بأسره بعد النيّة ، وإلاّ فات جزءٌ منه ، ثمّ لو أخّر أثِم ، إلاّ أنّه يجزي ، كما صرّح به في الدروس (٣).
__________________
(١) مجلّة العرب السعوديّة : ج ٥ ، السنة السادسة ، ١٩٧٢ م ، تحت عنوان تحديد عرفات ، عن هداية الناسكين : ١٧٣.
(٢) المصدر السابق : ص ٢٦٩.
(٣) جواهر الكلام : ج ١٩ ص ١٥.