وفي الحقيقة : أنّ هذا الوعد ( العهد ) عبارة عن عقد بين اثنين أحدهما يعطي والآخر يأخذ ، أو كل واحد يعطي ويأخذ ، وحينئذ تشمله ( أوفوا بالعقود ) (١) او ( وأوفوا بالعهد إنّ العهد كان مسؤولاً ) (٢).
ولا بأس بالتنبيه على أنّ هذين الدليلين يُلزمان الواعد بالوفاء بوعده ، وليسا ناظرَين الى تضرر الموعود نتيجة عدم الوفاء بالوعد ، وكيفية رفع ضرره ، فإنّ هذا شيء آخر لسنا الآن بصدده.
٤ ـ أمّا الوعد الابتدائي المتقدّم فهو ينقسم الى قسمين :
أ ـ وعد ابتدائي لا يترتب عليه أثر.
ب ـ وعد ابتدائي يترتب تعليه أثر ، كما إذا كان الموعود يتضرر فيما لو لم يفِ الواعد بوعده فهنا يأتي « لا ضرر ولا ضرار » المتفق عليه بين أهل الإسلام ، يقول للواعد : يجب عليك الالتزام بوعدك الابتدائي ، لأنّك إن لم تلتزم بما وعدت به يقع أخاك في ضرر بسبب وعدك ، وعدم الوفاء به ، ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام.
ولا يرد علينا القول بأنّ حديث « لا ضرر » يشمل الواعد ، ووجوب الوفاء بالوعد ينبغي أن لا يكون ضررياً بالنسبة إلى الواعد ، فإنّنا نقول بأنّ حديث لا ضرر لا يجري في حقّ الواعد ؛ لأنّه هو الذي أقدم على الوعد لغيره ، وهو الذي ضرّر نفسه لو كان في الوفاء بوعده ضرر عليه.
وقد يقال : صحيح أن القاعدة الأوليّة تقتضي صحّة هذه المعاملة ، وإن وجد فيها إلزام والتزام من الطرفين بإيقاعها إلاّ أن المانع هو الأدلّة الخاصة في المقام التي تقول بتحريم هذا الإلزام في هذه المعاملة بالخصوص. وقد اختلف علماء العامة (٣)
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) الاسراء : ٣٤.
(٣) المرابحة للآمر بالشراء ، محمد أمين الضرير : ص ٦.