المخاطرة من عدم الالزام ، لا أنّها جاءت من الالزام.
وأمّا إذا اراد الشافعي ورود النصوص بحرمة هذا ، وقد علّله بالمخاطرة فهذا سوف يأتي.
خامساً : أمّا ما ذكر من أن مسألتنا داخلة تحت النهي الوارد « عن سلف وزيادة » كما قال الباجي : « لأنّه يبتاع له البعير بعشرة على أن يبيعه منه بعشرين الى أجل يتضمّن ذلك أنّه أسلفه عشرة في عشرين الى أجل » (١) فهو بعيد عمّا نحن فيه ، لأنّ البنك إنّما يشتري السلعة لنفسه ( كما هو مفروض الصورة الاُولى التي نحن بصددها ) بينما السلف والزيادة المنهيّ عنه ـ كما يقول الباجي ـ هو عبارة عن شراء السلعة للآمر بعشرة ، ثم يبيع المشتري العشرة بعشرين إلى أجل فهو رباً لا كلام لنا في حرمته.
إذن إذا كان شراء البنك السلعة لنفسه وبماله ، ثم بعد ذلك يبيع السلعة إلى الآمر نسيئةً مرابحة فهو ممّا لا إشكال فيه ، وكثير من البيوع التي تحصل في الخارج تكون على هذا النسق من البيع مرابحة مع أن البائع قد اشتراها لنفسه بثمن أقل.
نعم ، هنا إلزام في البيع الثاني على البنك أن يبيع السلعة على المتعهد بالشراء ، كما يوجد الزام على المشتري أن يشتري السلعة التي اشتراها البنك بأمر الآمر ، وهذا الالزام حصل بتعهد الطرفين أو بحلفهما أو بنذرهما أو بشرط في عقد لازم فهل هذا الالزام يبطل البيع الثاني ؟
الجواب : قلنا فيما تقدّم إن القاعدة الأوليّة تقول بصحة العقد الثاني كما قالت بصحة العقد الذي أوجده البنك في شراء السلعة بأمر الآمر ، إذن لا إشكال في صحة هذا العقد الذي يحدث من قبل البنك الآمر بالشراء حتى مع الالزام للطرفين
__________________
(١) المنتقى : ج ٥ ، ص ٣٨ و ٣٩.