سلطانهما معاً ، كما في الهبة التي اعتبرناها عقداً مع أنَّها مشتملة على تصرف الواهب مع قبول الموهوب له.
فتبين أن عملية بيع الدين بأقل منه هي عبارة عن عقدين :
الأول : بيع المستفيد من الشيك أو الكمبيالة التي تعبّر عن دين حقيقي في ذمّة مصدِّرها للمشتري بثمن أقل من الدين حالاً.
والثاني : تعهد وعقد من المستفيد بأداء المدين للمبلغ إلى المشتري ، وأداؤه هو عند عدم وفاء محرّر الكمبيالة.
وهذا التعهد من المستفيد عقد ضمان صحيح شرعي ، دليله الارتكاز العقلائي مع ( أوفوا بالعقود ) ، وهو يختلف عن الضمان الذي هو ضم مسؤولية إلى مسؤولية ، أو نقل الدين من ذمّة الى ذمّة ، بل هو شيء آخر ينتهي الى استحقاق المشتري للمطالبة من الضامن فيما إذا امتنع المدين عن الوفاء لأنَّ هذا الامتناع معناه : أنَّ ما تعهد به الضامن ـ وهو اداء الدين للمشتري ـ لم يتحقّق ، بل تلف على المشتري ، وحينئذ يكون مضموناً على من تعهد به.
والجدير بالاضافة هنا هو : أن مجمع الفقه الإسلامي قد قرر في دورته الثامنة جواز الأخذ برخص المذاهب فيما إذا كانت هناك حاجة الى هذا الأخذ لا لمجرد التلهي ، وهذه الرخصة قال بها الإمامية ، فيمكن للبنك أو للمشتري لهذه السندات التي تمثّل ديناً حقيقياً في ذمة موقّعها من شراء هذه الديون الحقيقية بثمن أقل حالاً. وبهذا يكون للبنك الإسلامي أداة من أدوات الربح الشرعي والابتعاد عن الربا ، فيتمكن من شراء الديون التي في ذمّة الآخرين بأقل من قيمتها حالا ، كما يتمكن من بيع دينه على ذمّة الآخرين بالأقل إذا احتاج إلى السيولة النقدية.
أمّا إذا كان السند الذي وقَّعه شخص لآخر ( شيكاً أو كمبيالة ) صورياً ولا يحكي عن وجود دين في ذمّة الموقع ـ وهو المسمى بالسند الصوري وكمبيالة المجاملة ـ وتقدم المستفيد لخصم قيمته من البنك أو من فرد آخر ، فحقيقته هو