الذهبي والفضي والأوراق النقدية فلا يكون الحكم واحداً لهما ؟
الجواب : أنّ احتمال الفرق بين الأوراق النقدية والنقد الذهبي والفضي موجود ، ومع هذا الاحتمال لا نعدّي حكم الزكاة إلى الأوراق النقدية ، وتوضيح ذلك :
إنّ الشريعة الإسلامية قد فرضت ضرائب على أصحاب الأموال وجعلتها للدولة وللمحتاجين من أتباع الدولة وللمصارف العامة الاُخرى ، وهذا شيء واضح ، ومن البديهي أيضاً أنَّ مِلاك هذه الضرائب هو سدّ حاجات الدولة أو المحتاجين أو سدّ الحاجات الاجتماعية العامّة كما اشارت الى ذلك آية الفيء ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) فعلى هذا لو جزمنا بأنَّ الـمِلاك من زكاة النقدين منحصرٌ في سدّ الحاجات ، فيكون هذا الملاك مشتركاً بين النقدين والأوراق المالية ، ولكن من المحتمل أنَّ هذا الـمِلاك المتقدّم هو أهم ملاكات زكاة النقدين ، وهناك ملاك آخر يشترك معه وهو « المنع من الكنز وركود مبلغ من النقد السابق » الذي يسبب اختلالاً في الوضع الاقتصادي القائم نقده على الذهب والفضة (١).
وإذا جاء هذا الاحتمال وعرفنا أنَّ مقاييس تحسين الاقتصاد القائم على النقد الذهبي والفضي المحدود تختلف عن مقاييس تحسين الاقتصاد القائم على أساس النقد الورقي غير المحدود ، القائم على أساس الجعل والاعتبار وثقة الناس بالجهة المعتبرة ( سواءٌ لم يكن لها رصيداً وكان لها رصيد من السلع أو الخدمات التي تعينها الدولة ، كأن يكون ذهباً أونفطاً أو معدناً آخر أو غير ذلك ) فيكون بالإمكان الاحتفاظ بسيولة الأوراق النقدية رغم كنز بعضها ، ولا يضرّ هذا بالاقتصاد الحالي للبلد ، فلا حاجة الى وضع الزكاة عليه ، بينما كان الاحتفاظ بسيولة الذهب والفضة مضرّاً بالاقتصاد القديم لمحدودية النقد ، فقد وضع الإسلام ضريبة
__________________
(١) وممّا يؤيّد هذا الملاك تعلق الزكاة بالنقدين بشرط كونهما مسكوكين ، أمّا إذا كانا حُليّاً ( أي ليسا نقدين ) فلا يكون كنزهما مضرّاً بالوضع الاقتصادي لخروجهما عن كونهما نقداً مربحاً.