ولكن من حقّ إنسان أن يناقش فيما ذكر كدليل على عدم جواز نقل العضو من إنسان لآخر ، إذ دليل المتكلّم ينحلّ إلى شقّين :
الأول : لا يجوز للإنسان أن يلقي نفسه في التهلكة ، وهذا أمر لم يختلف فيه اثنان.
الثاني : لا يجوز للإنسان أن يقدم عضواً من اعضائه إلى غيره بدليل أن الإنسان لا يملك هذا العضو ، وأنّ المالك الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى.
ونحن وإن قبلنا أنّ العضو الذي هو جزء من جسدي ليس ملكاً لي ، إلاّ أنّ قطعه وتقديمه للغير غير متوقّف على ملكيته لي ، بل لنا أن نقول : إنّ الإنسان له نوع ولاية على جسمه واعضائه وقد منع من القاء نفسه في التهلكة بواسطة آيتين قرآنيتين هما ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وآية ( ولا تقتلوا أنفسكم ) وأمّا إعطاء عضو من الأعضاء إذا لم يكن قتلاً للنفس ـ كما هو المفروض ـ فهو جائز للولاية المعطاة للإنسان من قبل الله تعالى على أعضائه ، إذ من الواضح أن المتولّي يمكن أن يتصرّف فيما جُعل ولياً عليه وإن لم يكن مالكاً (١).
على أنّنا يمكننا القول ـ كما قال الإمام الخوئي رحمهالله ـ « بأنّ الاضافة الحاصلة بين المال ومالكه قد تكون اضافة تكوينية ، كالاضافة الكائنة بين الاشخاص وأعمالهم وأنفسهم وذممهم ، فإن أعمال كل شخص ونفسه وذمّته مملوكة له ملكية ذاتية وهو واجد لها فوق مرتبة الواجدية الاعتبارية ، ودون مرتبة الواجدية الحقيقية التي هي لله جلّ وعلا.
__________________
(١) وقد ذهب إلى هذا الرأي شيخ الأزهر في مصر الشيخ جاد الحقّ علي جاد الحق بشرط « أن يصرّح طبيب مسلم ثقة بأنّ نقل هذا العضو من شخص إلى آخر لا يترتب عليه ضرر بليغ بالشخص المتبرّع ، وإنّما يترتب عليه انقاذ حياة الشخص المتبرّع له أو انقاذه من مرض خطير » وهذا الشرط مفروض في مسألتنا أيضاً.