فالذي يستفاد من صحيحة معاوية بن عمار : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحرم من مسجد الشجرة للعمرة ، ورفع صوته بالتلبية من عسفان ( وهو معنى أهلّ ) وهي العمرة التي منعه المشركون من الدخول الى مكة وصالحهم في الحديبيّة ، ورجع من دون إتيان مناسك العمرة ، ثم في السنة اللاحقة اعتمر وأحرم من مسجد الشجرة ، وأهلّ ورفع صوته بالتلبية من الجحفة فسُميت بعمرة القضاء ، وأمّا الجعرانة فالظاهر من الصحيحة أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أحرم منها لظهور قوله : « وعمرة الجعرانة » في أن ابتداء العمرة كان من الجعرانة ، لا أنه أحرم قبل ذلك ورفع صوته بالتلبية من الجعرانة ، كما صرح بذلك في صحيحة أبان المتقدمة. فالمستفاد من الصحيحة جواز الإحرام للعمرة المفردة من الجعرانة اختياراً وإن لم يكن من أهل مكّة كالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، كما يجوز الإحرام من أدنى الحِلّ ، ولكن يختص ذلك بمن بدى له العمرة في الأثناء » (١).
أقول : وعلى هذا الذي تقدم فستكون هذه الرواية دليلا على جواز الإحرام من الجعرانة ، التي هي أقرب الحلِّ الى الحرم فقط.
٢ ـ ما عن جميل بن دراج في الصحيح ، قال : « سألت الإمام الصادق عليهالسلام عن المرأة الحائض إذا قدمت مكّة يوم التروية ؟ قال عليهالسلام : تمضي كما هي الى عرفات فتجعلها حجة ، ثم تقيم حتى تطهر فتخرج الى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة ، قال ابن أبي عمير : كما صنعت عائشة » (٢).
وكان صُنْعُ عائشة ، كما ذكره ابن إدريس في آخر السرائر نقلا من كتاب معاوية بن عمار ، فقال :
« ... إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نزلها ـ البطحاء ـ حين بعث عائشة مع أخيها عبد الرحمان إلى التنعيم ، فاعتمرت لمكان العلّة التي أصابتها ؛ لأنّها قالت
__________________
(١) مستند العروة الوثقى : ج ٢ ، ص٣٩١ - ٣٩٢ ، كتاب الحج ، تقريرات الإمام الخوئي ، بقلم السيد رضا الخلخالي.
(٢) وسائل الشيعة : ج ٨ ، باب ٢١ من أقسام الحجّ ، ح ٢.