الطعام والشراب ، خصوصاً إذا نظرنا الى الصوم الذي معناه الإمساك والذي يكون دخول الطعام الى مستقرّه بغير الحلق مضراً بصحته عرفاً. ولنا أن نعتبر في المولى الذي يمنع من دخول زيد الى الدار ، وقال : إياكم أن يصل زيد الى باب الدار فهل يكون دخول زيد الى الدار من غير الباب مفوِّتاً لغرض المولى ؟ وبالتأكيد يكون الجواب : نعم ، إنّه مفوّت لغرض المولى.
وحينئذ فما لم يصدق على المكلف أنَّه مجتنب للطعام والشراب فهو غير صائم ، كما إذا فتح له ثقباً الى المعدة بعد الحلق ليصل الطعام والشراب منه إليها ، وكذا إذا دخل الى جوفه الطين والكحل والدواء والدهن ، فإنّ كلّ هذه إذا حصلت لم يصدق عليها عنوان الأكل والشرب ، ولكن يصدق على صاحبها أنّه لم يمتنع من الطعام والشراب فهو مضرّ بصحة الصوم.
ويؤيّد هذا ما ذكره العلماء : « لو بلّ الخيّاط الخيط بريقه أو غيره ثم ردّه الى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه ( عند الإمامية وهو قول أكثر الشافعية ) ، إلاّ إذا استُهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية ، وكذا لو استاك وأخرج السواك من فمه وكان عليه رطوبه ثم ردّه الى الفم فإنَّه لو ابتلع ما عليه بطل صومه ، إلاّ مع الاستهلاك على الوجه المذكور » (١).
يبقى شرب السجائر : الذي يكون له طعم في الحلق ويصل الى الجوف فتكون مضرّة في صحة الصوم ، لا من ناحية ادخال الهواء الى الرئتين الذي لا يصدق عليه الشرب الحقيقي ، لأنّ الشرب الحقيقي هو ما يشرب من المائعات ويكون مقرّه المعدة ، ولكنّ الإشكال من ناحية عدم صدق اجتناب الأكل للأجزاء
__________________
(١) راجع العروة الوثقى للسيد الكاظم الطباطبائي ، كتاب الصوم ، ومستمسك العروة الوثقى : ج ٨ ، ص ٢٥٣.