أمّا النحو الأول كالبخّاخ للربو والغبار الغليظ ودخان السجائر للشارب لها وأمثال ذلك فلا ينبغي الاشكال في كونه مفطّراً ؛ وذلك :
أ ـ لأنّنا استدللنا سابقاً على أنّ كلّ ما يدخل الجوف ممّا يسمّى أكلا أو شرباً أو يكون الأكل والشرب مقدّمةً له يكون مفطراً ؛ ولا يفرّق فيه بين القليل والكثير ، وذلك للإطلاقات الدالة على وجوب اجتناب الطعام والشراب أو الأكل والشرب ممّا يكون مقدمةً لوصول ما يشرب وما يؤكل الى الجوف.
وما دام الغبار الغليظ هو عبارة عن أجزاء من التراب أو غيره منتشرة في الهواء تدخل جوف الإنسان عن طريق الحلق فيصدق عليها عنوان دخول ما يطعم الى الجوف ممّا يكون الأكل مقدّمةً له ، وكذا البخّاخ الذي يسهّل التنفس على المصابين بالربو إذا كان عبارة عن أجزاء من سائل معيّن فيه ماء ومواد كيميائية عالقة تدخل جوف الإنسان فيصدق عليها عنوان دخول الطعام أو الشراب الى الجوف عن طريق الحلق ممّا يكون الأكل والشرب مقدّمة له ، وهكذا الكلام أيضاً في السجائر لمن يشربها حيث يكون الدخان قد حمل معه أجزاءً من النيكوتين وغيره قد دخلت الى الجوف عن طريق الحلق ممّا يصدق عليه أنّه لم يجتنب الطعام والشراب فيكون مفطراً.
ب ـ بالإضافة الى وجود الروايات الواردة في المضمضة (١) والاستنشاق القائلة : إنّ ما دخل منها الجوف ولو اتفاقاً يفطر ـ فيما عدا وضوء الفريضة ـ فإنّ من المعلوم أنّ الداخل منها قليل جداً. وما ورد من جواز مصّ الخاتم والنهي عن مصّ النواة (٢) ونحو ذلك التي يتّضح منها عدم الفرق بين القليل والكثير فيما إذا صدق عليه عنوان الدخول الى الجوف ممّا يكون الأكل والشرب مقدّمةً له وإن لم يصدق
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٧ ، ب ٢٣ ممّا يمسك عنه الصائم ، أحاديث الباب.
(٢) المصدر السابق : ب ٤٠ ، الأحاديث.