والشراب (١) ، وقد يحصل ضرر من الصوم ومرض ، كما في غالب الأمراض التي يكون الصوم مضرّاً بها عادة.
ولكن قلنا سابقاً : إنّ العبرة بالضرر لا بالمرض ؛ لأن الآية الكريمة والروايات جعلت موضوع الافطار هو المرض لكن من حيث إنَّه مضرٌّ ، وحينئذ يكون موضوع الافطار هو الضرر المحرز ، فإذا أحرزنا وجود مرض لم يضرّه الصوم أو يخفّ بالصوم فلا يجوز الافطار معه ، إذ لا ضرر متصوّر في البين حتى يبطل معه الصوم ، وحينئذ يكون الأمر بالصوم من القرآن والسنّة على حاله.
وعلى ما تقدّم يتّضح عدم صحة ما يقال : « من جواز الافطار من الأمراض من غير ايجاب لكونه يزداد بالصوم أو يتأخر برؤه من غير هلاك أو شديد أذى » ؛ لأنّ المرض إذا كان يضره الصوم فلا يصح ؛ لعدم وجود أمر بالصوم ؛ لأنّ شرط صحة الصوم عدم الضرر ، وإذا كان لا يضره الصوم فيجب صومه.
ومن هنا يتّضح : أن الضعف (٢) الذي يعتري الانسان الصائم بعد أن لم يتصف المكلف بالضرر الحالي نتيجة الصوم أو خوف الضرر في المستقبل لا يجوّز الافطار ولا يضرّ بالصوم بمقتضى إطلاق الأدلّة من الكتاب والسنّة.
نعم : إذا كان الضعف لا يتحمّل عادةً ، بأن بلغ حدّ الحرج على المكلف فلا إشكال في جواز الافطار معه ؛ وذلك لدليل رفع الحرج ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) وهو المراد من قوله تعالى : ( والذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين ) فإنَّ الإطاقة هي إعمال القدرة في أقصى مرتبتها المساوق للحرج الذي يغلب حصوله في الشيخ أو الشيخة ، وهذا ما سنتكلّم عنه الآن.
__________________
(١) كالتخمة ، وكالامراض التي لا أثر للصوم فيها ، كوجع الضرس ، وجرح في الإصبع والدمّل والجَرَب وأشباه ذلك.
(٢) الضعف قد يكون كلياً وقد يكون جزئياً خصوصاً إذا صادف شهر رمضان في أيام الصيف الذي يستمر فيه النهار سبع عشرة ساعة وفي بعض البلدان أكثر من عشرين ساعة.