(٣٠) ـ
ما أنت بالحكم التّرضى حكومته |
|
ولا الأصيل ولا ذى الرّأى والجدل |
__________________
٣٠ ـ هذا البيت للفرزدق ، من أبيات له يهجو بها رجلا من بنى عذرة ، وكان هذا الرجل العذرى قد دخل على عبد الملك بن مروان يمدحه ، وكان جرير والفرزدق والأخطل عنده ، والرجل لا يعرفهم ، فعرفه بهم عبد الملك ؛ فعاعتم العذرى أن قال :
فحيّا الإله أبا حزرة |
|
وأرغم أنفك يا أخطل |
وجدّ الفرزدق أتعس به |
|
ودقّ خياشيمه الجندل |
و «أبو حزرة» : كنبة جرير ، و «أرغم أنفك» : يدعو عليه بالذل والمهانة حتى يلصق أنفه بالرغام ـ وهو التراب ـ و «الجد» الحظ والبخت ، وفى قوله «وجد الفرزدق أتعس به» دليل على أنه يجوز أن يقع خبر المبتدأ جملة إنشائية ، وهو مذهب الجمهور ، وخالف فيه ابن الأنبارى ، وسنذكر فى ذلك بحثا فى باب المبتدأ والخبر فأجابه الفرزدق ببيتين ثانيهما بيت الشاهد ، والذى قبله قوله :
يا أرغم الله أنفا أنت حامله |
|
يا ذا الخنى ومقال الزّور والخطل |
اللغة : «الخنى» ـ بزنة الفتى ـ هو الفحش ، و «الخطل» ـ بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة ـ هو المنطق الفاسد المضطرب ، والتفحش فيه «الحكم» ـ بالتحريك ـ الذى يحكمه الخصمان كى يقضى بينهما ، ويفصل فى خصومتهما «الأصيل» ذو الحسب ، و «الجدل» شدة الخصومة.
المعنى : يقول : لست أيها الرجل بالذى يرضاه الناس للفصل فى أقضيتهم ، ولا أنت بذى حسب رفيع ، ولا أنت بصاحب عقل وتدبير سديد ، ولا أنت بصاحب جدل ، فكيف نرضاك حكما؟!.
الإعراب : «ما» نافية ، تعمل عمل ليس «أنت» اسمها «بالحكم» الباء زائدة الحكم : خبر ما النافية «الترضى» أل : موصول اسمى نعت للحكم ، مبنى على السكون فى محل جر «ترضى» فعل مضارع مبنى للمجهول «حكومته» حكومة : نائب فاعل لترضى ، وحكومة مضاف والضمير مضاف إليه ، والجملة لا محل لها صلة الموصول «ولا» الواو حرف عطف ، لا : زائدة لتأكيد النفى «الأصيل» معطوف على الحكم «ولا»