أى : اقتران خبر «عسى» بـ «أن» كثير (١) ؛ وتجريده من «أن» قليل ، وهذا مذهب سيبويه ، ومذهب جمهور البصريين أنه لا يتجرّد خبرها من «أن» إلا فى الشعر ، ولم يرد فى القرآن إلا مقترنا بـ «أن» قال الله تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) وقال عز وجل : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ)
ومن وروده بدون «أن» قوله :
(٨٦) ـ
عسى الكرب الّذى أمسيت فيه |
|
يكون وراءه فرج قريب |
__________________
(١) أنت إذا قلت «عسى زيد أن يقوم» فزيد : اسم عسى ، وأن والفعل فى تأويل مصدر خبره ؛ ويلزم على ذلك الإخبار باسم المعنى ـ وهو المصدر ـ عن اسم الذات ـ وهو زيد ، وهو غير الأصل والغالب فى كلام العرب.
وللعلماء فى الجواب عن ذلك أربعة وجوه :
أولها : أن الكلام حينئذ على تقدير مضاف ، إما قبل الاسم وكأنك قلت : عسى أمر زيد القيام ، وإما قبل الخبر وكأنك قلت : عسى زيد صاحب القيام ؛ فعلى الأول تكون قد أخبرت باسم معنى عن اسم معنى ، وعلى الثانى تكون قد أخبرت باسم يدل على الذات عن اسم ذات ؛ لأن اسم الفاعل يدل على الذات التى وقع منها الحدث أو قام بها.
وثانيها : أن هذا المصدر فى تأويل الصفة ، وكأنك قد قلت : عسى زيد قائما.
وثالثها : أن الكلام على ظاهره ، والمقصود المبالغة فى زيد حتى كأنه هو نفس القيام.
وهذه الوجوه الثلاثة جارية فى كل مصدر ـ صريح أو مؤول ـ يخبر به عن اسم الذات ، أو يقع نعتا لاسم ذات ، أو يجىء حالا من اسم الذات.
ورابعها : أن «أن» ليست مصدرية فى هذا الموضع ، بل هى زائدة ؛ فكأنك قلت : عسى زيد يقوم ، وهذا وجه ضعيف ؛ لأنها لو كانت زائدة لم تعمل النصب ، ولسقطت من الكلام فى السعة أحيانا ، وهى لا تسقط إلا نادرا لضرورة الشعر.
٨٦ ـ البيت لهدبة بن خشرم العذرى ، من قصيدة قالها وهو فى الحبس. وقد